الأخلاق والموعظة والنصيحة يا أخا الحقيقة ويا عزيزي! لا تغتر بما في هذه الصحائف من الدقائق والحقائق، ولا تقنع بدرك الكليات والرقائق، فتصير حمال معان ومركب لطائف، ولا تكتف بالحجب والأستار من بين الأخبار والآثار، بل عليك أن تتدبر في الرب الذي يربيك، ما أنعم عليك، وما يصرفه في توجيه اللطف إليك، والعلوم والفنون والفضائل والمسائل الفكرية ظلمات، فيما إذا لم تكن أثرت في قلبك، ولا حصلت بها على الأنوار والفضائل الأخلاقية، وتصير وبالا عليك في جميع النشآت الآتية، فكن متعوذا بالله تعالى فيها من شر هذه التبعات، ومن آثار هذه المعلومات والصور، فإن العلم حجاب أكبر، ونور يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء.
فعلى هذا النموذج والبرنامج القصير تأمل في أسباب تربيتك، وأنك كنت قطرة من النطفة الرذيلة النجسة من صلب الأب، فانتقلت إلى رحم الام، فانظر أنها كيف صارت علقة أولا، ثم مضغة ثانيا، ثم تولدت بعد ذلك منها الأعضاء المختلفة، والعظام المنتظمة، والغضاريف والرباطات والأوتار والأوردة والشرايين، على نظام خاص متين لا ينحل، ثم حصلت في