بعد قوله: * (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * (1) أن جميع الموجودات وتوابعها المنجعلة بالعرض - وهي الأسواء والسيئات والشرور - يستند إليه تعالى في وجه، فما توهموه غير موافق للعقل والنقل.
النظر السادس حول حقيقة الحمد في الخالق والمخلوق اعلم أن الحمد بالحمل الأولي هو إظهار هذا المفهوم في قالب لفظي، وأحسنه قوله: * (الحمد لله) * كما أثنى به على نفسه في الكتاب الإلهي في مواقف عديدة، وكان الأنبياء والأولياء يحمدونه تعالى بذلك، كما يأتي في تاريخ هذه الجملة وسابقتها قبل الإسلام.
والحمد بالحمل الشائع وهو الحمد الفعلي وهو المخلوق قد يكون بإتيان الأعمال الصالحة من العبادات والخيرات وإيصال القوى الكامنة إلى الغايات، ابتغاء لمرضاته، فيستعمل الحامد كل عضو فيما خلق لأجله على الوجه المشروع، حتى يحصل الوفاق بين مقالته وأعماله، وهذا هو الحمد الفعلي بالمعنى الأخص المسمى بالعملي عندنا، وقد يكون حاليا وقلبيا، وهو المسمى بالتخلق بأخلاق الله والتعين بالأوصاف الكمالية والجمالية وحب المعروف وبغض المنكر، وبالجملة: الجهاد مع النفس، وهو الجهاد الأكبر.
وأما الحمد في الخالق: فهو إظهار الصفات والكمالات، وهذا هو