فإنه كيف رضي بهذا التعبير، وهو تسليطه تعالى الظالم على المظلوم، فإنه ظلم قطعا، وقد برأه العقل والنقل، وليس الفخر من المجبرة قطعا، فلعله جزاء لما يصدر منه في بعض الأحيان، فعلى هذا يسقط برهانه.
نعم يمكن دعوى: أن مقتضى كونه عادلا وصاحب مملكة الوجود سرا وعلانية هو جزاء الظالم، وأما لزوم جزائه في الآخرة دون الدنيا، أو في الدنيا دون الآخرة، فهو أمر خارج عن إحاطة الدرك والتعقل.
نعم بناء على كون الجزاء ظهور تبعات الأعمال والأفعال، وهذا أمر لا يحصل مع غبار الطبائع، ومع التلبس بجلباب المادة، يتعين كونها عند الفراغ من المادة. وأما كونها بعد الفراغ عنها والفراق لها في يوم خاص، وهو القيامة أو البرزخ، فهو بحث طويل الذيل يأتي لتناسب في محال اخر إن شاء الله تعالى.
المبحث الرابع حول حشر الموجودات هذه الآية تدل على المعاد والحشر للجزاء والحساب. وربما يستشعر منها اختصاص الحشر والبعث بالعقلاء والذين يستحقون الجزاء، ويصح حسابهم، دون سائر الموجودات من الجمادات والنباتات والحيوانات، بل وكثير من أفراد الإنسان، ضرورة أن يوم القيامة يوم الحساب، ولو كان سائر الموجودات تحشر في ذلك اليوم، فلا يناسب تسميته بذلك، لأكثريتها ممن يستحقون الجزاء والحساب.