مراتب العالمين من النقص إلى الكمال، وشمول ربوبيته تعالى لتلك الأشياء، جوهرية كانت أو عرضية، فافهم واغتنم وتأمل جدا.
المبحث الخامس حول استفادة كونه تعالى ربا للعالمين بلا واسطة ربما يستظهر من الآية الكريمة الشريفة أنه تعالى رب العالمين بلا واسطة، وهذا يستلزم شبهات عقلية:
وأهمها: أنه كيف يعقل للقديم الواجب من جميع الجهات، المتعالي الذات عن كافة الموجودات، مباشرة الحركة المستلزمة لوقوعها على المباشر، فإنه لا يعقل أن يوجد شئ حركة بالمباشرة ولا يخلو عن تلك الحركة الشخصية أو نوع آخر منها، وجميع الحركات في حقه تعالى ممتنع قطعا.
وبعبارة أخرى: الطبيعة أو الجسم المتحرك في الأعراض، سبب مباشر لتلك الحركات، وتقوم تلك الحركات به قياما حلوليا، لكونه موضوعا لها، وصدوريا باعتبار كونه علة قريبة لتلك الحركة، وكل ذلك في حقه تعالى ممتنع، لعدم مزاولته مع المادة المتحركة، ولا مع الجسم، ولا غير ذلك بالضرورة، ولو كانت الربوبية بالإرادة، فكيف يتصور حصول الحركة والخروج من القوة إلى الفعل، مع عدم تجدد في الإرادة ولا في المريد، مع أننا إذا أردنا حركة شئ عرضيا كالحركة الوضعية أو الأينية، فلابد وأن يحصل فينا تلك الحركة حتى يحصل للآخر، فلابد من