الجمال والكمال إليه، فإنه بالاختيار لا يتمكن من تحصيل ما لا يعطيه الله تعالى وإن يحصل له ما يعطيه بالاختيار، ولكنه ليس هو الاختيار المأخوذ في تعريف الحمد حسب العقل النظري، لا السوقي والعامي، أفما قرأت الكتاب العزيز * (ما أصابك من حسنة فمن الله) * (1) فإذا كانت كل حسنة من الله تبالي، فكيف يكون له الجميل المصحح لتوجيه الحمد إليه.
ثم إن ما نظرنا إليه يتم سواء قلنا: إن الحمد الثابت له تعالى معناه المصدري، أو الاسم المصدري، أو معناه المصدري المنتسب إلى فاعل ما، أو إلى مفعول ما، كالحامدية والمحمودية أو بمعنى ما يحمد عليه وما هو سبب الحمد وعلته، فإن أردنا إثبات حصر معناه المصدري في حقه تعالى، وأنه تعالى يليق بأن يكون حامدا لنفسه دون غيره، فلابد وأن يكون لادعاء سلب لياقة العباد، وهذا الادعاء لا يتم إلا لأجل أن غيره تعالى لا شئ له ولا حيثية له حذاء الحق الأول وإزاء الرب المطلق، فتصير النتيجة ذلك، وهكذا فيما أريد حصر معناه الاسم المصدري فيه أو غيره.
نعم فيما إذا أريد من الحمد ما يحمد عليه، فهو أصرح في المعنى المقصود هنا.
وما في " بيان السعادة " من: أن النظر إلى أن الحامد لابد وأن يكون إنسانا عقلانيا، وحمده كان حمدا قلبيا، وهكذا (2)، غير تمام، لظهور السلب والإثبات في أن الحمد لله تعالى، ولا يكون لغيره لياقة التحميد،