تنبيه: هل معاني " رب " ترجع إلى واحد؟
قد ذكروا للرب معاني كثيرة، وقد استدلوا بالأشعار في مقام الاستعمال، والدقة تقتضي كونه في جميع تلك الموارد بمعنى واحد، فإذا أريد منه السيد والمطاع والمالك والمصلح والمتمم، فهو ليس ذا معان كثيرة، لاشتراك الكل في أمر واحد، وهو مفاد صيغ الرب والتربية، فبهذه الملاحظة اطلق على الآخرين مما فيهم التربية، كما لا يخفى.
إن قلت: قال ابن حيان: الرب السيد والمالك والثابت والمعبود والمصلح، وزاد بعضهم: بمعنى الصاحب مستدلا بقوله:
قد ناله رب الكلاب بكفه * بيض رهاف ريشهن مقزع وبعضهم: بمعنى الخالق (1)، ولو أمكن إرجاع الخالق إلى ما مر، وإنكار دلالة الشعر على أنه بمعنى الصاحب - كما هو الظاهر - لما يمكن إرجاع معناه الثابت والمعبود إلى معنى واحد، ولو أمكن دعوى أن المعبود اطلق عليه الرب، لما فيه من التربية، لا يتم ذلك في الثابت قطعا.
قلت: نعم ولسنا بصدد إرجاع الكثرات إلى الواحد، وذلك لصراحة كتب اللغة في أن الرب المتعدي بالباء بمعنى لزم، أي رب بالمكان يعني لزم به، ولكن النظر كان إلى تنبيه أهله: بأن الإطلاقات المذكورة في الأشعار والآثار لا تفي باستكشاف المعاني الكثيرة.
فبالجملة: الرب لغة هو إخراج الشئ من النقص إلى الكمال،