وعلى مسلك أهل العرفان والشهود أنه تعالى هو الآن * (مالك يوم الدين) * باعتبار منتهائيته التي هي حقيقة مالكيته للأشياء في يوم الدين، إذا لا يجزي في الواقع إلا هو، الذي ينتهي إليه الملك وقت الجزاء، بإثابة النعمة الباقية عن الفانية في الظهور والتجلي، وفي كل آن يثيب تلك النعمة عن النعمة الفانية، عند التجرد عنها بالزهد وتجليات الأفعال، عند انسلاخ العبد عن أفعاله.
وأيضا تعويضه صفاته تعالى عند المحو عن صفاته، وأيضا إبقاؤه بذاته ونحلته الوجود الحقاني عند الفناء عن ذاته.
فتحصل من البدأ إلى المنتهى: أن مطلق الحمد وماهيته أزلا وأبدا، على حسب استحقاقه إياه بذاته، باعتبار البداية والنهاية وما بينهما في مقام الجمع على الألسنة بالتفصيل الماضي تحقيقه، فهو الحامد والمحمود جمعا وتحقيقا والعابد والمعبود مبدأ ومنتهى، وكل ذلك بالاعتبارات المساعد عليها البراهين القاطعة، وإن لا يساعد عليها السنة الطاهرة.
وقريب منه: أنه تعالى * (مالك يوم الدين) * بالملكية الأرقى من أنواع الملكيات، لأنها ليست كمالكية الملاك لأملاكهم، ولا كمالكية الملوك لممالكهم، ولا كمالكية النفوس لأعضائها، ولا كمالكية النفوس لقواها ولا لصورها العلمية الحاصلة الحاضرة عنده، يفني ما شاء منها، ويبقي ما شاء، ويوجد ما شاء، ويمحق ويثبت.
بل مالكيته ليوم الدين غير مسبوقة بالسابقة المعدة، وقريب من