لا أن غيره لابد وأن يكون كذا وكذا حتى يليق، فإنه مناف للحصر، فإن معنى الحصر ينحل إلى السلب والإيجاب وسلبه مطلق، وقضية الحصر هو انسلاب كل أحد عن اللياقة والشأنية لتحميده، فلا تخلط.
فقوله: * (الحمد لله) * أي كل شئ صدق عليه أنه حمد، فهو له تعالى، وليس الحمد لغيره تعالى، ولازم كون الحمد بأجمعه لله أن يكون كل فعل جميل اختياري لله تعالى، ولازم الثاني أنه لا فعل جميل اختياري لغيره تعالى، وحيث لا يمكن سلب اختيارية فعل الغير عن الغير، فلابد من سلب كونه بجميله اختياريا، فإن جميل كل شئ يرجع إلى جمال المعشوق والمعبود، فالسلب يرجع إلى المقيد، لا كل واحد من القيدين، ولله الحمد على ما ألهمناه واختار لنا من ملكوته ومن المن والسلوى.
النظر الثاني دلالة الآية على أن كمال الموجودات له تعالى إن الآية الكريمة الشريفة، كما تدل على أن جميل كل فعل اختياري لله تعالى، تدل على أن كمال سائر الموجودات أيضا له تعالى.
وأما قصور دلالتها ابتداء على العموم فهو واضح، لما أن الحمد هو الشكر والثناء على الجميل الاختياري، ولازم كونه له أن جميل كل فعل اختياري له، وأما جميل سائر الأشياء فهي قاصرة عن الدلالة عليه، كما لا يخفى.
نعم لو قلنا بأعمية الحمد وشموله للمدح - كما عن بعض كتب