المسألة الرابعة إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي قبل البعثة أو بعدها وقبل نزولها، فماذا كان يقرأ في صلاته؟
لا شبهة في أن الصلاة كانت مخترعة قبل الإسلام، * (وأوصاني بالصلاة والزكاة) * (1)، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) - على ما قيل - كان يصلي في المسجد الحرام في ابتداء البعثة بل وقبلها. فإن كان بعد البعثة وبعد تشريعها، فالجواب واضح. وإن كان قبلها، أو قلنا بأنها مدنية، أو مكية ولكنها نزلت بعد تشريع الصلاة، فربما يشكل. ولكن التاريخ قاطع بأن نزولها لم يكن بعد تشريعها. نعم لا يمكن الإحاطة العلمية بسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
والذي يمكن أن يقال: إنه كان يصلي من غير الفاتحة، لأنها ليست ركنا، وأدلتها لا تفيد بطلانها بدونها على الإطلاق، كما هو الظاهر.
أو يقال: بنزولها عليه قبل البعثة أو بعدها وقبل أن يأمر بإبلاغها إلى الأمة الإسلامية، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان قبل البعثة على دين اليهود والنصارى، فربما كان نبيا ثم صار رسولا.
قال ابن عطية: ظن بعض العلماء أن جبرئيل (عليه السلام) لم ينزل بسورة الحمد، لما رواه مسلم عن ابن عباس، قال: " بينما قاعد عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سمع نقيضا (هو الصوت) من فوقه، فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء