أن ما يكون سببا للحمد وموجبا لاستحقاق التحميد والثناء، هو لله تعالى، فإذا كان هو له تعالى فملزومه - وهو الحمد والمدح والثناء - له تعالى.
وأما هذه الجملة، فدلالتها على حصر اللازم به تعالى، أو حصر ما هو ملازم للحمد به تعالى، غير واضحة دلالة وضعية، وأما دلالة عقلية بمقدمات الحكمة، وأن الحامد في مقام إفادة الحصر في ثنائه تعالى وحمده، فهي غير بعيدة، فيكون معناها: كل شئ يوجد في الخارج ويصدق عليه الحمد فهو له تعالى، فإذا كان الحمد لكل جميل اختياري في غيره تعالى، له تعالى أيضا، فلا يثبت به أن كل كمال له تعالى، لأن من الكمالات ما لا تكون من الجميل الاختياري.
فما ترى في " تفسير الميزان " لأستاذنا العلامة - مد ظله - غير وجيه، فإنه في مقام إفادة أن الآية الشريفة تدل على الحصر المزبور، ولكنه استدل بأمر آخر خارج عن مفادها، ولا بأس بنقله مع رعاية الاختصار، قال: واللام فيه للجنس والاستغراق والمال واحد، وذلك أن الله تعالى يقول: * (ذلكم الله ربكم خالق كل شئ) *، فأفاد مخلوقية كل شئ له تعالى، وقال: * (الذي أحسن كل شئ خلقه) * فأثبت حسن كل شئ هو مخلوقه، فالحسن يدور مدار الخلق وبالعكس، فلا خلق إلا وهو حسن جميل واختياري له تعالى، فإنه قال: * (هو الله الواحد القهار) *، فلا يكون خلق شئ بقهر قاهر فهو باختياره، فما من شئ إلا وهو فعل جميل اختياري له تعالى. انتهى ما أردنا نقله (1).