وربما يمكن أن يتخيل التفصيل: فإن كان هي مقالة رب العالمين في توصيفه بذلك - كما وصف نفسه في مواقف كثيرة - فهي ظاهرة في الإخبارية، وإن كانت مقالة السالكين في مقام العبودية والتقرب، فهي ظاهرة في الإنشائية، ولا يكون النظر إلى أن الأمر كذلك بحسب الواقع، كما في قوله تعالى: * (إياك نعبد) * مع أنه يعبد الأصنام والأشخاص، ويكون مشركا في كثير من الأمور.
والذي هو الحق: أنها جملة إخيارية عن الأمر الواقعي الذي يأتي تحقيقه، ولا تنافي بينها وبين كونها مفيدة للإنشاء والتقرب والعبودية، فإن ذكر جميل المحبوب على نعت الواقع في مقام الانس والخلوة، هو عين التقرب به بذلك والتدلي بشأنه، فهي جملة إخبارية على كل حال، ولكن ربما تستعمل في مقام العبودية والشكر، فيعتبر منها الإنشاء، وهو تحميد المحمود بذكر محامده التي هي نفس الواقعية، وربما تستعمل في مقام إفادة مفاده الإخباري من غير نظر إلى تلك الجهة.
المبحث الثاني حول إفادة حصر الحمد به تعالى هل هذه الجملة تفيد حصر الحمد به تعالى أم لا؟ فيه وجهان.
والذي سلكه الأصحاب لاستفادة الحصر أمور:
أحدها: أن الألف واللام جئ بهما للاستغراق، فلابد من الاستيعاب، فيكون كل حمد له تعالى.