إدراك العقل لزوم ذلك، كما أن تشخيص ما لا يلائم وما يلائم خارج عن حدود وظيفته، إلا في الأمور المتعارفة الواضحة والوجدانية في هذه النشأة.
فبالجملة: أصل الوجوب الأعم من الشرطي والنفسي مما لا شبهة فيه عندنا، ولا سبيل للعقل إلى ذلك.
المسألة الثالثة هل الآية الشريفة - قوله تعالى: * (الحمد لله) * - تدل على أن الوجوب المزبور عقلي أو شرعي؟
فمن الناس من قال: إنه شرعي، مستدلين ببعض الآيات والآثار، ومنهم من اعتقد أنه عقلي، مستدلين بقوله تعالى: * (الحمد لله) * وتقريبه: أن الآية تدل على أن الحمد حقه وملكه على الإطلاق، وهذا يدل على ثبوت هذا الاستحقاق قبل مجئ الشرع (1). انتهى.
وهذا من غرائب الاستدلالات، وذلك لأن العقل إن كان يدرك ذلك فلا يحتاج إلى الاستدلال بالآية، وإن كان لا يدرك هذا الاستحقاق فهو من الدليل الشرعي لا العقلي، فكأن المستدل استدل بالدليل اللفظي والشرعي على أن الدليل على المسألة عقلي، وهذا لا يخلو من أضحوكة، والأمر سهل.
ويمكن أن يقال: بأن الآية تدل على أن حمد الغير غير جائز، لأنه