تعملون) * (1).
فإذا كانت الآية الشريفة مفيدة حصر الحمد به تعالى، ويكون الحمد هو الثناء على الجميل الاختياري، فهي تستلزم كون سبب الحمد منحصرا في حضرته الربوبية. وهذا غير ما سلف، فإن فيما مضى إثبات أن جميع العالم فعله تعالى، فيكون حمد كل شئ على فعله حمدا له أيضا، ولكنا هنا في مقام تحريم حمد الغير وحصر الحمد به تعالى، بدعوى: أن كل كمال وجمال في العالم يحصل لكل موجود بإرادته تعالى ومشيته، فلا يكون ذلك بالاختيار الذي يصحح توجيه الحمد إليه، وإن لم يكن خارجا عن الاختيار بوجه يستلزم الجبر، وهذا هو حقيقة الحصر، وإلا لما كان للحصر بالتقريب الذي مر في ذيل المسائل السابقة، وجه محصل، فإن جواز حمد الله على فعل كل أحد، وجواز حمد كل أحد على فعله، لا يجتمعان، مع كون المرام والمقصود حصر الحمد فيه تعالى وتقدس.
إن قلت: كيف يمكن سلب الحمد بالنسبة إلى أفعال العباد الجميلة الاختيارية، مع أنها جميلة حصلت باختيارهم، فلابد من ترخيص توجيه الحمد إليهم والمنع عنه يلازم منع اختياريتها، فيكون جمال أفعالهم كجمال الطبائع.
قلت: إن نظرنا إلى ظاهر الحال وصورة الأمر، فالحق كما أفيد، وإذا نظرنا إلى أن الممكن الذي لا حيثية لذاته ولا غناء في ماهيته ووجوده، ولا كمال له إلا وهو إفاضة من الغيب بتقدير اختياره، فكيف يمكن نسبة