فصله الأخير (1)، وهو باضمحلال جميع الاستعدادات والإمكانات الاستعدادية والقوى، وصيرورتها فعلية محضة ونورا صرفا.
فلأجل ذلك أضيفت مالكيته تعالى إلى * (يوم الدين) * والحساب، ضرورة أن في ذلك اليوم يتوجه كل محاسب إلى حسابه، ويدرك كل راجع ما حوسب وهيئ له. والله من ورائهم محيط.
فبالجملة: الإنسان ما بقي في عالم الطبع والبشرية لم يظهر له مالكيته تعالى، وإذا ارتقى إلى أول عالم الجزاء - وهو عالم المثال - ظهر له أنه تعالى مالك للأشياء كمالكيته للصور العلمية وقواه النفسية، وإذا ارتقى إلى العالم الآخر - وهي القيامة العظمى والرجعة الكبرى - يتوجه إلى خطائه في السابقات، ويظهر له أن الأمر ليس مثل ذاك، ويشهد أن مالكية كل شئ هي مالكيته، وحينئذ يدرك التوحيد الأفعالي بعد الفناء الذاتي * (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
وعلى مسلك أهل الظاهر والتفسير أنه تعالى * (مالك يوم الدين) *، أي سيملك يوم الدين، أي ما في يوم الدين، وحيث كان اليوم المزبور محقق الوقوع في المستقبل، صح أن يقال: هو * (مالك يوم الدين) *، وحيث إن يوم الدين ليس قابلا لأن يملك،