المعاني وعلم البلاغة حسب القواعد النحوية يجوز التقدير مقدما ومؤخرا، ولا يختلف بين كون المقدر فعلا ماضيا أو مضارعا أو جملة ناقصة اسمية، وأما حسب البلاغة ومقتضى رعاية الأدب البالي، فإن العبد ينبغي أن يكون في مقام الحصر وقصر الابتداء والاستعانة وغيرهما من الأمور الممكنة في حضرته الربوبية، فيكون المحذوف المقدر مؤخرا.
وأيضا يليق بجنابه الإلهي وبالعبد في مقام الخضوع والخشوع، أن يعرب عما في ضميره بالمفاهيم الاشتقاقية، الكاشفة عن مزايلته معها في الاعتبار واتحادها معها في الخارج، وأن الابتداء والاستعانة - مثلا - متحد معه، فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم مبتدئ ومستعين، وغير ذلك مما يمكن من الاحتمالات الكثيرة السابق ذكرها.
وإن شئت قلت: العبد ينظر إلى حاله، فإن كان في حال متعارف للناس فهو بالخيار في التقدير، وإن كان في مقام الجذبة والفناء والعشق، فلابد من مراعاة الأدب اللائق بالمعشوق، فيكون المقدر والمحذوف مختلفا حسب حالات العباد في المعارف والتوحيد.