السيوطي في كتاب الأوائل حيث قال أول من صنف أحكام القرآن الإمام الشافعي، فان الإمام الشافعي توفي سنة 204 وله من العمر أربع وخمسون سنة. وذكر في طبقات النحاة أول من كتب في أحكام القرآن هو القاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني القرطبي الأندلسي الاخباري اللغوي المتوفى سنة 304 عن ثلاث وتسعين سنة، وأيا ما كان فهو متأخر عن محمد بن السائب. اللهم الا أن يريد أول من صنف في هذا من علماء السنة والجماعة، وحينئذ لا ينافي ما ذكرنا من تقدم الشيعة في ذلك.).
* * * ومن الاعلاق النفيسة في هذا الموضوع، كتاب (فقه القرآن) للفقيه المفسر المحدث الأديب قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي المتوفى سنة 573.
وهو من آثار قدمائنا التي تعتز بها المكتبة الاسلامية في أصالتها والمادة العلمية الثرية التي تحويها، فإنه مع اختصاره النسبي شامل لأطراف الموضوع جامع لما يجب أن يقال غني بما تناوله من الاستدلال. عرض الموضوع على ترتيب الكتب الفقهية حيث بدأه بكتاب الطهارة وختمه بكتاب الديات، مع رعاية المباحث التفسيرية والفقهية فأشبعها بحثا وتعمقا إذا كانت المسألة تحتاج إلى ذلك.
والقطب في هذا الكتاب شديد التأثر بآراء شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460) في كتابيه (التبيان في تفسير القرآن) و (الاستبصار فيما اختلف فيه من الاخبار)، كما أنه يبدو عليه التأثر الكبير أيضا بآراء الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي البغدادي (ت 436) في كتابه (الانتصار في انفرادات الامامية) وبعض أجوبته على المسائل، ففي كثير من المسائل نجده يتتبع ما قالاه وخاصة الأول منهما، بل ربما يأتي بعباراتهما عينا من دون تغيير أو تصرف فيها.