بدأ هذا الموضوع بشكل بسيط في الجمع والعرض، ثم تطور مع تطور باقي العلوم الشرعية حتى أصبح فنا خاصا له معالمه وأصوله، وأصبح التأليف فيه يحتاج إلى خبرة واسعة في الأدب واللغة والتفسير والفقه.
وقد تفنن المؤلفون في ذلك في ترتيب كتبهم ومؤلفاتهم، وأكثر الطرق المتبعة هي طريقان: ترتيب الآيات حسب السور الواردة في القرآن الكريم من سورة البقرة إلى آخره، أو ترتيبها في كتب من الطهارة إلى الديات على غرار الأبواب الفقهية في تصانيف الفقهاء. الطريقة الأولى أكثر ما تميل إلى المباحث التفسيرية، وأما الثانية فتوجه اهتمامها إلى المسائل الفقهية أكثر من غيرها.
ومن الطبيعي أن تختلف قيمة هذه المؤلفات من الوجهات العلمية، ومن بينها كتب هي في القمة من حيث العمق والشمول وسعة آفاق الدراسة. ويمكن أن نعتبر من الصفوة المختارة في هذا المضمار، الكتاب الذي نقدمه إلى الملا العلمي ونحاول التعريف به.
* * * ويأتي دور التساؤل عن أول من صنف في (فقه القرآن)، ذلك لأننا نجد بعض الاختلاف بين العلماء في تعيين أول من كتب في الموضوع. ونترك الحديث بهذا الصدد للسيد الصدر في كتابه القيم (تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام) ص 321 حيث قال:
(أول من صنف في أحكام القرآن هو محمد بن السائب الكلبي المفسر الآتي ذكره في طبقات المفسرين. قال ابن النديم في الفهرست عند ذكره للكتب المؤلفة في أحكام القرآن ما لفظه: كتاب أحكام القرآن للكلبي، رواه عن ابن عباس.
قلت: ستعرف أن وفاة محمد بن السائب سنة 146، وحينئذ فقد وهم الجلال