وقال الحسن الاستثناء من الفاسقين دون قوله (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا)، وبه قال أهل العراق، قالوا فلا يجوز شهادة القاذف ابدا.
ولا خلاف انه إذا لم يحد بأن تموت المقذوفة ولم يكن هناك مطالب ثم تاب انه يجوز قبول شهادته، وهذا يقتضى الاستثناء من المعتدين على تقدير وأولئك هم الفاسقون، مع امتناع قبول شهادتهم الا التائبين منهم، والحد حق المقذوفة لا يزول بالتوبة.
ثم قال (ان الذين يرمون المحسنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا) وان نزلت في سبب لم يجب قصرها عليه، وعلى هذا أكثر المحصلين كآية القذف وآية اللعان وآية الظهار وغيرها.
(يوم تشهد عليهم ألسنتهم) يجوز أن يكون المعنى أي يشهدون، يعنى هؤلاء على أنفسهم بألسنتهم. وقيل شهادة الأيدي والأرجل تكون بأن يبينها الله بينة مخصوصة يمكنها النطق، أو يفعل الله في هذه البنى كلاما يتضمن الشهادة فكأنها هي الناطقة، أو يجعل فيها علامة تقوم مقام النطق، وذلك إذا جحدوا معاصيهم.
(مسألة):
المفعول الثاني في قوله (فتذكر إحداهما الأخرى) محذوف، وكذا إذا قرئ بالتخفيف فتذكر بالقراءتين محذوف، والمعنى فتذكر إحداهما الأخرى الشهادة التي تحملتاها، لان ذكرت فعل يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقلته بالهمزة أو خففت العين منه تعدى إلى مفعول آخر.
وما بعد الفاء في قوله (فتذكر) مبتدأ محذوف، ولو أظهرته لكان فهما تذكر إحداهما الأخرى، فالذكر العائد إلى المبتدأ المحذوف الضمير في قوله (إحداهما).