مقام الجهاد فيكون ثوابهم عليه مثل ثواب الجهاد. وليس كذلك من ليس بأولي الضرر، لأنه قعد عن الجهاد بلا عذر. وظاهر الآية يمنع من مساواته على وجه.
فان قيل: كيف قال في أول الآية [فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة) (١) ثم قال في آخرها] (٢) (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه) [وهذا ظاهر التناقض.
قلنا إن أول الآية فضل الله المجاهدين على القاعدين من أولى الضرر درجة وفى آخرها فضلهم على القاعدين غير أولي الضرر درجات] (٢) ولا تناقض في ذلك، لان قوله (وكلا وعد الله الحسنى) يدل على أن القاعدين لم يكونوا عاصين وان كانوا تاركين للفضل.
وقال المغربي: انما كرر لفظ (التفضيل) لان الأولى أراد تفضيلهم في الدنيا على القاعدين والثاني أراد تفضيلهم في الآخرة بدرجات النعيم.
وقوله تعالى ﴿وأنفقوا في سبيل الله﴾ (3) من كان له مال ولا يمكنه القيام إلى الحرب يجب عليه إقامة غيره مقامه فيما يحتاج إليه وينفق عليه ويعين المحاربين بالسلاح والمركوب والنفقة، فعموم الآية يتناول جميع ذلك.
وقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) أي لا تتقحموا الحرب من غير نكاية للعدو ولا قدرة على دفاعهم، فمن وجب عليه الجهاد فإنما يجب عند شروط سبعة، وهي: الذكورة، والبلوغ، وكمال العقل، والحرية، والصحة، وأن لا يكون شيخا لا حراك به، ويكون هناك امام عادل أو من نصبه الامام للجهاد. والآية تدل بظاهرها على أكثر ذلك، فإذا اختل واحد من هذه الشروط سقط فرض الجهاد والتهلكة كل ما كان عاقبته إلى الهلاك.