ولذلك كان يتقى الفقهاء أن يسكنوا مكة.
(مسألة) وروى محمد بن مسلم والحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ان الله تعالى اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا، فمن وفى لله وفى الله له، فقال ﴿الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾ (١)، وأما ما شرط لهم فقال ﴿فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى﴾ (2) قال: يرجع ولا ذنب له. فقالا له: أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه؟ قال: لم يجعل الله له حدا، يستغفر الله ويلبى. فقالا: فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ فقال: إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهرقه وعلى المخطئ بقرة (3).
(مسألة) قد قدمنا أن الجدال الذي منع المحرم منه بقوله (ولا جدال في الحج) هو الجدال صادقا أو كاذبا.
فان قيل: ليس في لغة العرب أن الجدال هو الحلف.
قلنا: لا ينكر أن يقتضى عرف الشرع ما ليس في اللغة. على أن الجدال إذا كان الخصومة والمراء والمنازعة، وهذه أمور تستعمل للدفع والمنع، والقسم بالله قد يفعل كذلك، ففيه معنى المنازعة والخصومة.