أربعة من النسور، فأجاعها أياما، وعلق فوقها لحما، وربط التابوت إليها، وطارت النسور بالتابوت، وهو ووزيره فيه، إلى أن بلغت حيث شاء الله تعالى، وظن أنه بلغ السماء، ففتح باب التابوت من أعلاه، فرأى بعد السماء منه كبعدها حين كان في الأرض، وفتح بابا من أسفل التابوت، فرأى الأرض قد غابت عنه، فهاله الأمر، فصوب النسور، وسقط التابوت، وكانت له وجبة، عن ابن عباس، وابن مسعود، وجماعة.
* (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) * أي: فلا تظنن الله عز اسمه مخلفا رسله ما وعدهم به من النصر والظفر بالكفار، والظهور عليهم * (إن الله عزيز) * أي: ممتنع بقدرته من أن ينال باهتضام، وهو من الكفار * (ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) * قيل فيه قولان: أحدهم: إن المعنى تبدل صورة الأرض وهيئتها، عن ابن عباس. فقد روي عنه أنه قال: تبدل آكامها وآجامها وجبالها وأشجارها، والأرض على حالتها، وتبقى أرضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم، ولم يعمل عليها خطيئة، وتبدل السماوات، فيذهب بشمسها وقمرها ونجومها، وكان ينشد:
فما الناس بالناس الذين عهدتهم، ولا الدار بالدار التي كنت أعرف ويعضده ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يبدل الله الأرض غير الأرض، والسماوات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة مثل مواضعهم من الأولى: ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان على ظهرها كان على ظهرها والآخر: ان المعنى تبدل الأرض، وتنشأ أرض غيرها، والسماوات كذلك تبدل بغيرها، وتفنى هذه، عن الجبائي، وجماعة من المفسرين.
وفي تفسير أهل البيت عليه السلام بالإسناد عن زرارة، ومحمد بن مسلم، وحمران بن أعين، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليه السلام، قالا: تبدل الأرض خبزة نقية، يأكل الناس منها، حتى يفرغ من الحساب، قال الله تعالى * (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) * وهو قول سعيد بن جبير، ومحمد بن كعب، وروى سهل بن سعد الساعدي، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي، ليس فيها معلم لأحد. وروي عن ابن مسعود أنه قال: تبدل الأرض بنار، فتصير الأرض كلها يوم القيامة نارا، والجنة من ورائها يرى كواعبها