الاعراب: * (مخلف وعده رسله) *: إضافة * (مخلف) * إلى * (وعده) * إضافة غير محضة، لأنها في تقدير الانفصال. و * (وعده) * وإن كان مجرورا في اللفظ، فإنه منصوب في المعنى، لأنه مفعول في المعنى، فإن الإخلاف يقتضي مفعولين، يقال: أخلفت زيدا وعده، فعلى هذا يكون تقديره * (مخلفا وعده رسله) * وقيل: إنه في الشواذ * (مخلف وعده) * بالنصب، * (رسله) * بالجر، وهي رديئة للفصل بين المضاف والمضاف إليه، وأنشدوا في ذلك (فزججتها بمزجة * زج القلوص أبي مزاده) (1) ومعناه: فزججتها زج أبي مزادة القلوص، والعامل في قوله * (يوم تبدل الأرض) * قوله * (مخلف وعده) * أو انتقام أي: ينتقم ذلك اليوم، أو يكون محذوفا على تقدير، واذكر يوم تبدل الأرض، وإن شئت جعلته نعتا لقوله * (يوم يقوم الحساب) * والأرض: مرفوعة على ما لم يسم فاعله، وغير منصوب على أنه مفعول ما لم يسم فاعله، تقول بدل الخاتم خاتما آخر، إذا كسر وصيغ صيغة أخرى، وقد تقول بدل زيد إذا تغير حاله.
المعنى: ثم أبان عن مكر الكفار، ودفعه ذلك عن رسله عليه السلام، تسلية لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: * (وقد مكروا مكرهم) * أي: وقد مكروا بالأنبياء قبلك ما أمكنهم من المكر، كما مكروا بك، فعصمهم الله من مكرهم، كما عصمك.
وقيل: عنى به كفار قريش الذين دبروا في أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واحتالوا عليه، ومكروا بالمؤمنين وخدعوهم * (وعند الله مكرهم) * أي: جزاء مكرهم، فحذف المضاف كما حذف من قوله * (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا) * وهو واقع بهم أي: جزاؤه. يريد وقد عرف الله مكرهم فهو يجازيهم عليه * (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) * أي:
ولم يكن مكرهم ليبطل حجج القرآن، وما معك من دلائل النبوات، فإن ذلك ثابت بالدليل والبرهان. والمعنى: لا تزول منه الجبال، فكيف يزول منه الدين الذي هو أثبت من الجبال. وعلى القراءة الأخرى فالمعنى: إن مكرهم، وإن بلغ كل مبلغ، فلا يزيل دين الله تعالى، على ما تقدم بيانه، ولا يضر ذلك أنبياءه، ولا يزيل أمرهم، ولا سيما أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه أثبت من الجبال.
وقد قيل: إن المراد به نمرود بن كوش بن كنعان، حين أخذ التابوت، وأخذ