* (إن) * هي المخففة من الثقيلة على تعظيم أمر مكرهم، بخلاف القراءة الأولى، فيكون كقوله * (ومكروا مكرا كبارا) * أي: قد كان مكرهم لعظمه وكبره، يكاد يزيل ما هو مثل الجبال في الامتناع على من أراد إزالتها، وثباتها، ومثل هذا في التعظيم للأمر، قول الشاعر:
ألم تر صدعا في السماء مبينا * على ابن لبينى الحارث بن هشام وقال:
بكى الحارث الجولان من موت ربه، وحوران منه خاشع متضائل (1) وقال أوس:
ألم تكسف الشمس شمس النهار * مع النجم والقمر الواجب (2) ويدل على أن الجبال يعني بها أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قوله بعد * (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) * أي: فقد وعد الظهور عليهم، والغلبة لهم في قوله: * (ليظهره على الدين كله) * وقوله: * (للذين كفروا ستغلبون) * وقد استعمل لفظ الجبال في غير هذا الموضع في تعظيم الشئ وتفخيمه، قال ابن مقبل:
إذا مت عن ذكر ألقوا في فلن ترى * لها شاعرا مثلي أطب، وأشعرا وأكثر بيتا شاعرا ضربت به * بطون جبال الشعر حتى تيسرا ومن قرأ * (وإن كاد مكرهم لتزول) *: فهي مخففة من الثقيلة أيضا، فتقديره وأنه كاد مكرهم لتزول منه الجبال. قال ابن جني: القطر الصفر والنحاس، وهو أيضا الفلز، رويناه عن قطرب، وهو أيضا الصاد، ومنه قدور الصاد أي: قدور الصفر، والآني: الذي قد أنى وأدرك. أنى الشئ يأني أنيا وأنا مقصور، ومنه قوله عز سبحانه * (غير ناظرين أناه) * أي: بلوغه وإدراكه. قال أبو علي: ومنه الإناء، لأنه الظرف الذي قد بلغ غايته المرادة منه، من حرز وصياغة، ونحو ذلك، قال أمية:
وسليمان إذ يسيل له القط - ر على ملكه ثلاث ليال