فإنك غفور رحيم (36) ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون (37) ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء (38) الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربى لسميع الدعاء (39) رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء (40) ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب (41)) *.
القراءة: في الشواذ قراءة الجحدري، والثقفي، وأبي الجحجاح:
* (واجنبني) * بقطع الهمزة، وقرأ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبو جعفر الباقر عليه السلام، وجعفر بن محمد عليه السلام، ومجاهد: * (تهوى إليهم) * بفتح الواو. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، وهبيرة، عن حفص: * (وتقبل دعائي ربنا) * بإثبات الياء في الوصل. وفي رواية البزي، عن ابن كثير أنه يصل ويقف بياء. وقال قبيل:
إنه يشم الياء في الوصل، ولا يثبتها، ويقف عليها بالألف، والباقون: * (دعاء) * بغير ياء، وقرأ الحسن بن علي عليه السلام، وأبو جعفر محمد بن علي عليه السلام، والزهري، وإبراهيم النخعي: * (ولولدي) * وقرأ يحيى بن يعمر: * (ولولدي) *. وقرأ سعيد بن جبير: * (ولوالدي) *.
الحجة: يقال: جنبت الشئ أجنبه جنوبا، ومن العرب من يقول: أجنبته أجنبه أي: تجنبته عن الشئ، وكأن معنى قوله * (أجنبني وبني أن نعبد الأصنام) *:
اصرفني وإياهم عن عبادة الأصنام. ومعنى * (اجنبني) * اجعلني كالجنيب عن ذلك.
وأما قوله: * (تهوى إليهم) * بفتح الواو فهو من هويت الشئ أهواه: إذا أحببته، وإنما جاز تعديته بإلى، لأن معنى هويت الشئ: ملت إليه، فكأنه قال: تميل إليهم، فهو محمول على المعنى، ومثله قوله سبحانه * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * فعدى الرفث بإلى، وأنت لا تقول رفثت إلى فلانة، وإنما تقول رفثت بها، أو معها، ولكنه لما كان معنى الرفث هنا معنى الإفضاء، عداه بإلى، فكأنه قال: