وإن شئت فتحتهما، وإن شئت فتحت أحدهما ورفعت الآخر، وقد شرحنا ذلك فيما مضى.
المعنى: * (قل) * يا محمد * (لعبادي الذين آمنوا) * أي: اعترفوا بتوحيد الله وعدله، عنى به أصحاب النبي، عن ابن عباس. وقيل: أراد به جميع المؤمنين، عن الجبائي * (يقيموا الصلاة) * أي: يؤدوا الصلوات الخمس لمواقيتها، فإن الصلاة لا تصير قائمة إلا بإقامتهم. * (وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية) * أي: وقل لهم ينفقوا من أموالهم في وجوه البر من الفرائض والنوافل، ينفقون في النوافل سرا، ليدفعوا عن أنفسهم تهمة الرياء، وفي الفرائض علانية، ليدفعوا تهمة المنع * (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه) * يعني: يوم القيامة، والمراد بالبيع: إعطاء البدل ليتخلص به من النار، لا أن هناك مبايعة * (ولا خلال) * أي: ولا مصادقة. وهذا مثل قوله * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) *.
ثم بين سبحانه أنه المستحق للإلهية، فقال: * (الله الذي خلق السماوات والأرض) أي: أنشأهما من غير شئ، وبدأ بذكرهما لعظم شأنهما في القدرة، والنعمة * (وأنزل من السماء ماء) * أي: غيثا ومطرا * (فأخرج به) * أي: بذلك الماء * (من الثمرات رزقا لكم) * يعني أن الغرض في ذلك أن يؤتيكم أرزاقكم * (وسخر لكم الفلك) أي: السفن والمراكب * (لتجري في البحر بأمره) * أي: بأمر الله، لأنها تسير بالرياح والله هو المنشئ للرياح * (وسخر لكم الأنهار) * التي تجري بالمياه ينزلها من السماء، ويجريها في الأودية، وينصب منها في الأنهار * (وسخر لكم الشمس والقمر) * أي: ذلل لمنافعكم الشمس والقمر في سيرهما، لتنتفعوا بضوء الشمس نهارا، وبضوء القمر ليلا، وليبلغ بها الثمار والنبات في النضج، الحد الذي عليه تتم النعمة فيهما * (دائبين) * أي: دائمين لا يفتران في صلاح الخلق والنباتات، ومنافعهم.
* (وسخر لكم الليل والنهار) * أي: ذللهما لكم، ومهدهما لمنافعكم، لتسكنوا في الليل، ولتبتغوا في النهار من فضله * (وآتاكم من كل ما سألتموه) * معناه ان الانسان قد يسأل الله العافية فيعطى، ويسأله النجاة فيعطى، ويسأله الغنى فيعطى، ويسأله الولد والعز فيعطى، ويسأله تيسير الأمور وشرح الصدور فيعطى، فهذا في الجملة حاصل في الدعاء لله تعالى ما لم يكن فيه مفسدة في الدين، أو على غيره، فأين