كوكب) * فاستجاب الله دعاء إبراهيم عليه السلام حتى كان الانسان يرى قاتل أبيه فيها، فلا يتعرض له، ويدنو الوحش فيها من الناس فيأمن منهم.
* (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) * أي: والطف لي ولبني لطفا نتجنب به عن عبادة الأصنام، ودعاء الأنبياء لا يكون إلا مستجابا. فعلى هذا يكون سؤاله ذلك مخصوصا بمن علم الله من حاله أن يكون مؤمنا لا يعبد إلا الله، ويكون الله سبحانه قد أذن له في الدعاء لهم، واستجاب دعاءه فيهم * (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) * معناه: ضل بسببهن وعبادتهن كثير من الناس، كما يقال فتنتني فلانة يعني:
افتتنت بحبها، لا لأنها عملت شيئا، وكما في قول الشاعر:
هبوني امرأ منكم أضل بعيره له ذمة، إن الذمام كبير وإنما أراد ضل بعيره، لأن أحدا لا يضل بعيره قاصدا إلى إضلاله * (فمن تبعني فإنه مني) * يريد فمن تبعني من ذريتي الذين أسكنتهم هذا البلد على ديني في عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام، فإنه من جملتي، وحاله كحالي * (ومن عصاني فإنك غفور رحيم) * أي: ساتر على العباد معاصيهم، رحيم بهم في جميع أحوالهم، منعم عليهم.
ثم حكى سبحانه تمام دعاء إبراهيم عليه السلام وانه قال * (ربنا إني أسكنت من ذريتي) * أي: أسكنت بعض أولادي، ولا خلاف أنه يريد إسماعيل عليه السلام مع أمه هاجر، وهو أكبر ولده. وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: نحن بقية تلك العترة.
وقال: كانت دعوة إبراهيم عليه السلام لنا خاصة * (بواد غير ذي زرع) * يريد وادي مكة، وهو الأبطح، وإنما قال: * (غير ذي زرع) * لأنه لم يكن بها يومئذ ماء، ولا زرع، ولا ضرع، ولم يذكر مفعول * (أسكنت) * لأن * (من) * يفيد بعض القوم، كما يقال قتلنا من بني فلان، وأكلنا من الطعام، وكما قال سبحانه * (أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) * وتقديره أسكنت من ذريتي أناسا، أو ولدا عن البلخي.
* (عند بيتك المحرم) * إنما أضاف البيت إليه سبحانه، لأنه مالكه، لا يملكه أحد سواه، وما عداه من البيوت قد ملكه غيره من العباد. ويسأل فيقال: كيف سماه بيتا، ولم يبنه إبراهيم عليه السلام بعد؟ والجواب من وجهين: أحدهما: إنه لما كان من المعلوم أنه يبنيه سماه بيتا، والمراد عند بيتك الذي مضى في سابق علمك كونه