الثمالي: حدثني أبو جعفر الباقر عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: قل اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا. فقالهما علي عليه السلام، فنزلت هذه الآية. وروي نحوه عن جابر بن عبد الله الأنصاري والثاني:
إنها عامة في جميع المؤمنين يجعل الله لهم المحبة والإلفة والمقة في قلوب الصالحين. قال هرم بن حبان: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقهم مودتهم، ورحمتهم، ومحبتهم. وقال الربيع بن أنس:
إن الله إذا أحب مؤمنا، قال لجبرائيل: إني أحببت فلانا فأحبه، فيحبه جبرائيل، ثم ينادي في السماء: ألا إن الله أحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء. ثم يوضع له قبول في أهل الأرض. فعلى هذا يكون المعنى يحبهم الله ويحببهم إلى الناس والثالث: إن معناه: يجعل الله لهم محبة في قلوب أعدائهم ومخالفيهم، ليدخلوا في دينهم، ويعتزوا بهم الرابع: يجعل بعضهم يحب بعضا، فيكون كل واحد منهم عضدا لأخيه المؤمن، ويكونون يدا واحدة على من خالفهم. والخامس: إن معناه سيجعل لهم ودا في الآخرة، فيحب بعضهم بعضا، كمحبة الوالد لولده. وفي ذلك أعظم السرور، وأتم النعمة، عن الجبائي. ويؤيد القول الأول ما صح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا، على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي الأمي أنه قال: لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق.
ثم قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: * (فإنما يسرناه بلسانك) * أي: يسرنا القرآن بأن أنزلناه بلسانك، وهي لغة العرب، ليسهل عليهم معرفته، ولو كان بلسان آخر، ما عرفوه، عن أبي مسلم. وقيل: معناه يسرنا قراءة القرآن على لسانك، ومكناك من قراءته، عن الجبائي * (لتبشر به المتقين) * أي: لتبشر بالقرآن الذين يتقون الشرك والكبائر أي: تخبرهم بما تسرهم مما أعده الله لهم * (وتنذر به قوما لدا) * أي: شدادا في الخصومة، عن ابن عباس، يعني قريشا. وقيل: قوما ذوي جدل، مخاصمين، عن قتادة.
ثم أنذرهم سبحانه وخوفهم بقوله: * (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) * أي: قبل هؤلاء من قرن، مكذبين للرسل، وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمعنى: لا يهمنك كفرهم وشقاقهم، فإن وبال ذلك راجع إليهم، وقد أهلكنا قبلهم من كان مثلهم * (هل