تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن معنى الآية، فقال: إن الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد، ويجمع عليها الخلق، ثم ينادي المنادي أن خذي أصحابك، وذري أصحابي. قال صلى الله عليه وآله وسلم: فوالذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.
وروي عن الحسن أنه رأى رجلا يضحك، فقال: هل علمت أنك وارد النار؟
قال: نعم. قال: وهل علمت أنك خارج منها؟ قال: لا. قال: فبم هذا الضحك؟ وكان الحسن لم ير ضاحكا قط حتى مات. وقيل: إن الفائدة في ذلك ما روي في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار، وما فيها من العذاب، ليعلم تمام فضل الله عليه، وكمال لطفه وإحسانه إليه، فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها، ولا يدخل أحد النار حتى يطلعه على الجنة، وما فيها من أنواع النعيم والثواب، ليكون ذلك زيادة عقوبة له، حسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها. وقال مجاهد: الحمى حظ كل مؤمن من النار، ثم قرأ * (وإن منكم إلا واردها) *. فعلى هذا من حم من المؤمنين، فقد وردها. وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عاد مريضا، فقال: أبشر إن الله عز وجل يقول: الحمى هي ناري، أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا، لتكون حظه من النار. وقوله: * (كان على ربك حتما مقضيا) * أي: كائنا واقعا لا محالة، قد قضى بأنه يكون. و * (على) * كلمة وجوب، فمعناه أوجب الله ذلك على نفسه.
وفيه دلالة على أنه يجب عليه سبحانه أشياء من طريق الحكمة، خلافا لما يذهب إليه أهل الجبر.
* (ثم ننجي الذين اتقوا) * الشرك، وصدقوا، عن ابن عباس. * (ونذر الظالمين) * أي: ونقر المشركين والكفار على حالهم * (فيها) * أي: في جهنم * (جثيا) * أي: باركين على ركبهم. وقيل: جماعات على ما مر تفسيره. وقيل: المراد بالظالمين كل ظالم وعاص. ثم قال سبحانه * (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات) * ومعناه:
وإذا يتلى على الكافرين آياتنا المنزلة في القرآن، ظاهرات الحجج والأدلة، يمكن تفهم معانيها * (قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما) * أي: قال الذين جحدوا وحدانية الله، وكذبوا أنبياءه، للذين صدقوا بذلك، مستفهمين لهم،