توبتي * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) * أي: تجعل به الجبال سائرة، فأذهبت من مواضعها، وقلعت من أماكنها * (أو قطعت به الأرض) * أي شققت فجعلت أنهارا، وعيونا * (أو كلم به الموتى) * أي: أحيي به الموتى حتى يعيشوا ويتكلموا. وحذف جواب لو لأن في الكلام دليلا عليه، والتقدير لكان هذا القرآن لعظم محله، وعلو أمره، وجلالة قدره، قال الزجاج: والذي أتوهم، وقد قاله بعضهم إن المعنى: لو أن قرآنا سيرت به الجبال، أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتى، لما آمنوا، ودليله قوله * (ولو أنزلنا إليهم الملائكة) * إلى قوله * (ما كانوا ليؤمنوا) * وحذف جواب لو يكثر في الكلام، قال امرؤ القيس:
فلو أنها نفس تموت سوية، ولكنها نفس تساقط أنفسا (1) وهو آخر القصيدة (2) وقال:
وجدك لو شئ أتانا رسوله * سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا (3) * (بل لله الأمر جميعا) * معناه: ان جميع ما ذكر من تسيير الجبال، وتقطيع الأرض، وإحياء الموتى، وكل تدبير يجري هذا المجرى لله، لأنه لا يملكه سواه، ولا يقدر عليه غيره، ولكنه لا يفعل، لأن فيما أنزل من الآيات مقنعا وكفاية للمنصفين. والأمر ما يصح أن يؤمر به، وينهى عنه، وهو عام، وأصله الأمر نقيض النهي * (أفلم ييأس الذين آمنوا) * أي: أفلم يعلموا ويتبينوا، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وسعيد بن جبير، وأبي مسلم، وقيل: معناه أفلم يعلم الذين آمنوا علما ييأسوا معه من أن يكون غير ما علموه، عن الفراء. وقيل: معناه أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله، عز وجل، بأنهم لا يؤمنون، عن الزجاج قال: لأنه قال * (أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا) * أي: ان الله لو أراد أن يهدي الخلق كلهم إلى جنته لهداهم، لكنه كلفهم لينالوا الثواب بطاعاتهم على وجه الاستحقاق. وقيل: أراد به مشيئة الإلجاء أي: لو أراد أن يلجئهم إلى الاهتداء لقدر على ذلك، لكنه ينافي التكليف، ويبطل الغرض به * (ولا