الله، ثم قاتلناك وصددناك، لقد ظلمناك، ولكن اكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دعنا نقاتلهم؟ قال: لا، ولكن اكتبوا كما يريدون، فأنزل الله عز وجل * (كذلك أرسلناك في أمة) * الآية، عن قتادة، ومقاتل، وابن جريج. وقيل: نزلت في كفار قريش، حين قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اسجدوا للرحمن. قالوا: وما الرحمن؟ عن الضحاك، عن ابن عباس.
ونزلت الآية الأخرى في نفر من مشركي مكة، منهم أبو جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية المخزومي، جلسوا خلف الكعبة، ثم أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتاهم، فقال له عبد الله بن أمية: إن سرك أن نتبعك، فسير لنا جبال مكة بالقرآن، فأذهبها عنا، حتى تنفسخ، فإنها أرض ضيقة، واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا، حتى نغرس ونزرع، فلست كما زعمت أهون على ربك من داود عليه السلام، حيث سخر له الجبال تسبح معه، أو سخر لنا الريح فنركبها إلى الشام، فنقضي عليها مسيرتنا وحوائجنا، ثم نرجع من يومنا، فقد كان سليمان سخرت له الريح، فكما زعمت لنا، فلست أهون على ربك من سليمان. واحي لنا جدك قصيا، أو من شئت من موتانا، لنسأله: أحق ما تقول أم باطل؟ فإن عيسى عليه السلام كان يحي الموتى، ولست بأهون على الله منه، فأنزل الله سبحانه * (ولو أن قرآنا) * الآية.
المعنى: لما ذكر سبحانه النعمة على من تقدم ذكره بالثواب وحسن المآب، عقبه بذكر النعمة على من أرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال * (كذلك أرسلناك) * أي:
كما أنعمنا على المذكورين بالثواب في الجنة، أنعمنا على المرسل إليهم بإرسالك.
وقيل: إن معنى التشبيه أنا كما أرسلنا الأنبياء في الأمم قبلك، أرسلناك * (في أمة قد خلت من قبلها أمم) * أي: في جماعة قد مضت من قبلها قرون، وجماعات * (لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك) * بين الغرض في إرساله، وهو أن يقرأ عليهم القرآن ليتدبروا آياته، ويتعظوا بها * (وهم يكفرون بالرحمن) * أي: وقريش يكفرون بالرحمن، أي:
ويقولون قد عرفنا الله، ولا ندري ما الرحمن، كما أخبر عنهم بأنهم قالوا: وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا؟ عن الحسن، وقتادة. وقيل: معناه أنهم يجحدون بالوحدانية * (قل) * يا محمد * (هو ربي) * أي: الرحمن الذي أنكرتموه ربي أي:
خالقي، ومدبري * (لا إله إلا هو عليه توكلت) * أي: إليه فوضت أمري، متمسكا بطاعته، راضيا بحكمه. * (وإليه متاب) * أي: مرجعي وقيل: معناه إلى الرحمن