قال عمرو بن كلثوم:
صددت الكأس عنا أم عمرو، وكان الكأس مجراها اليمينا (1) وحجة من أسند الفعل إلى الفاعل قوله * (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) * وفي موضع آخر: ويصدون عن سبيل الله، وصدوكم عن المسجد الحرام. فلما أسند الفعل إلى الفاعل في هذه الآية، فكذلك في هذه الآية، أي: صدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومن بنى الفعل للمفعول به، جعل فاعل الصد غواتهم والعتاة منهم في كفرهم، وقد يكون على نحو ما يقال صد فلان عن الخير، وصد عنه، بمعنى أنه لم يفعل خيرا، ولا يراد به أن مانعا منعه.
اللغة: الاستهزاء: طلب الهزؤ. والهزؤ: إظهار خلاف الإضمار للاستصغار.
والإملاء: التأخير، وهو من الملاوة. والملوان: الليل والنهار، قال ابن مقبل:
ألا يا ديار الحي بالسبعان ألح عليها بالبلى الملوان (2) وقال في التهنئة إلبس جديدا وتمل حبيبا أي: لتطل أيامك معه. والواقي:
المانع، فاعل من الوقاية وهو الحجر بما يدفع الأذى، والمكروه.
المعنى: ثم عزى سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: * (ولقد استهزئ برسل من قبلك) * كما استهزأ هؤلاء بك * (فأمليت للذين كفروا) * أي: فأمهلتهم، وأطلت مدتهم ليتوبوا، ولتتم عليهم الحجة * (ثم أخذتهم) * أي: أهلكتهم، وأنزلت عليهم عذابي، * (فكيف كان عقاب) * أي: فكيف حل عقابي بهم، وهو إشارة إلى تفخيم ذلك العقاب وتعظيمه. ثم عاد سبحانه إلى الحجاج مع الكفار * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) * معناه: أفمن هو قائم بالتدبير على كل نفس، وحافظ كل نفس أعمالها، يجازيها. وقيل: أفمن هو قائم عليها برزقها، وحفظها، والدفع عنها، كمن ليس بهذه الصفات من الأصنام التي لا تنفع، ولا تضر، ويدل على هذا المحذوف قوله * (وجعلوا لله شركاء) * يعني أن هؤلاء الكفار جعلوا لله شركاء في العبادة من الأصنام التي لا تقدر على شئ مما ذكرنا * (قل) * يا محمد * (سموهم) * أي:
سموهم بما يستحقون من الصفات، وإضافة الأفعال إليهم، إن كانوا شركاء لله، كما