المعنى: * (أتى أمر الله) * فيه أقوال: أحدها: إن معناه قرب أمر الله تعالى بعقاب هؤلاء المشركين المقيمين على الكفر والتكذيب، عن الحسن، وابن جريج.
قال الحسن: إن المشركين، قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ائتنا بعذاب الله، فقال سبحانه: (إن أمر الله آت وكل ما هو آت قريب دان) وثانيها: إن أمر الله أحكامه وفرائضه، عن الضحاك. وثالثها: إن أمر الله هو يوم القيامة، عن الجبائي، وروي نحوه عن ابن عباس، وعلى هذا الوجه فيكون أتى بمعنى يأتي، وجاء وقوع الماضي ههنا لصدق المخبر بما أخبر به، فصار بمنزلة ما قد مضى، ولأن سبحانه قرب أمر الساعة، فجعله أقرب من لمح البصر، وقال: * (اقتربت الساعة) *.
* (فلا تستعجلوه) * خطاب للمشركين المكذبين بيوم القيامة لعذاب الله، المستهزئين به، وكانوا يستعجلونه كما حكى الله سبحانه عنهم، قولهم: * (فأمطر علينا حجارة من السماء) * وتقديره قل لهؤلاء الكفار: لا تستعجلوا القيامة والعذاب فإن الله سيأتي بكل منهما في وقته وحينه، كما تقتضيه حكمته * (سبحانه وتعالى عما يشركون) * هذه كلمة تنزيه لله تعالى، عما لا يليق به وبصفاته، وتنزيه له من أن يكون له شريك في عبادته أي: جل وتقدس وتنزه من أن يكون له شريك، تعالى وتعظم وارتفع من جميع صفات النقص * (ينزل الملائكة) * أي: ينزل الله الملائكة، أو تنزل الملائكة.
* (بالروح من أمره) * أي بالوحي عن ابن عباس، وقيل: بالقرآن عن ابن زيد، وهما واحد، وسمي روحا لأنه حياة القلوب والنفوس بالإرشاد إلى الدين. وقيل: بالنبوة عن الحسن وقوله * (من أمره) * أي: بأمره، ونظيره قوله * (يحفظونه من أمر الله) * أي بأمر الله، لأن أحدا لا يحفظه عن أمره * (على من يشاء من عباده) * ممن يصلح للنبوة والسفارة بينه وبين خلقه * (أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون) * هذا تفسير للروح المنزل، وبدل منه، فإن المعنى تنزل الملائكة بأن أنذروا أهل الكفر والمعاصي، بأنه لا إله إلا أنا أي: مروهم بتوحيدي، وبأن لا يشركوا بي شيئا. ومعنى * (فاتقون) *: فاتقوا مخالفتي، وفي هذا دلالة على أن الغرض من بعثة الأنبياء الإنذار والدعاء إلى الدين.
النظم: وجه اتصال قوله سبحانه وتعالى بما تقدم إن الكفار كانوا يستعجلون العذاب على وجه التكذيب به، ويكذبون البعث والقيامة، فبين سبحانه أنه منزه عما