الكتاب هو القرآن، لاختلاف اللفظين وما فيهما من الفائدتين، وإن كانا لموصوف واحد، لأن وصفه بالكتاب يفيد أنه مما يكتب ويدون، ووصفه بالقرآن يفيد أنه مما يؤلف ويجمع بعض حروفه إلى بعض، كما قال الشاعر:
إلى الملك القرم، وابن الهمام، وليث الكتيبة في المزدحم وذي الرأي حين تغم الأمور بذات الصليل، وذات اللجم ويقال: لم جاز * (ربما يود الذين كفروا) * ورب للتقليل؟ وجوابه على وجهين:
أحدهما: انه أبلغ في التهديد، كما تقول: ربما ندمت على هذا، وأنت تعلم أنه يندم ندما طويلا أي: يكفيك قليل الندم، فكيف كثيره والثاني: انه يشغلهم العذاب عن تمني ذلك إلا في أوقات قليلة.
المعنى: * (الر) * قد تقدم الكلام في هذه الحروف، وأقوال العلماء فيها * (تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) * أي: هذه آيات الكتاب، وآيات قرآن مميز بين الحق والباطل. وقيل: المبين البين الواضح، عن أبي مسلم. وقيل: هو المبين للحلال والحرام، والأوامر والنواهي، والأدلة وغير ذلك. وقيل: المراد بالكتاب التوراة والإنجيل، عن مجاهد. وقيل: المراد به الكتب المنزلة قبل القرآن، عن قتادة * (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) * أي: ربما يتمنى الكفار الاسلام في الآخرة إذا صار المسلمون إلى الجنة، والكفار إلى النار، ويجوز أن يتمنوا ذلك وقت اليأس.
وروى مجاهد: عن ابن عباس، قال: ما يزال الله يدخل الجنة، ويرحم، ويشفع، حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة، فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. وقال الصادق عليه السلام: ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق: إنه لا يدخل الجنة إلا مسلم، فثم يود سائر الخلائق انهم كانوا مسلمين. وروي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من يشاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب، فأخذنا بها.
فيسمع الله عز وجل، ما قالوا: فأمر من كان في النار من أهل الاسلام، فأخرجوا منها، فحينئذ يقول الكفار يا ليتنا كنا مسلمين.