الرطب، عن ابن عباس. وقيل: مسنون مصور، عن سيبويه، قال: أخذ من سنة الوجه.
* (والجان) * وهو إبليس، عن الحسن، وقتادة، وقيل: هو أبو الجن، كما أن آدم أبو البشر، عن ابن عباس. وقيل: هم الجن نسل إبليس، وهو منصوب بفعل مضمر، معناه: وخلقنا الجان * (خلقناه من قبل) * أي: من قبل خلق آدم * (من نار السموم) * أي: من نار لها ريح حارة، تقتل. وقيل: هي نار لا دخان لها، والصواعق تكون منها. وروى أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة، يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم، من بين الملائكة، وخلق الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار. وقيل: السموم النار الملتهبة، عن أبي مسلم.
وفي هذا إشارة إلى أن الانسان لا يفضل بأصله، وإنما يفضل بدينه وعلمه وصالح عمله. وأصل آدم عليه السلام كان من تراب، و ذلك قوله * (خلقه من تراب) * ثم جعل التراب طينا، وذلك قوله * (وخلقته من طين) * ثم ترك ذلك الطين حتى تغير واسترخى، وذلك قوله * (من حمأ مسنون) *، ثم ترك حتى جف، وذلك قوله * (من صلصال) *. فهذه الأقوال لا تناقض فيها، إذ هي اخبار عن حالاته المختلفة * (وإذ قال ربك للملائكة) * تقديره: واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة * (إني خالق) * أي:
سأخلق * (بشرا) * أي: آدم، وسمي بشرا لأنه ظاهر الجلد، لا يواريه شعر، ولا صوف * (من صلصال من حمأ مسنون) * مر معناه: * (فإذا سويته) * بإتمام خلقته، وإكمال خلقه، وقيل: معناه عدلت صورته * (ونفخت فيه من روحي) * والنفخ: إجراء الريح في الشئ باعتماد، فلما أجرى الله سبحانه الروح في آدم على هذه الصفة، كان قد نفخ الروح فيه وإنما أضاف روح آدم إلى نفسه، تكرمة له وتشريفا، وهي إضافة الملك * (فقعوا له ساجدين) * أي: اسجدوا له. قال الكلبي: أي فخروا له ساجدين * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) * هذا توكيد بعد توكيد عند سيبويه وقال المبرد: ويدل قوله * (أجمعون) * على اجتماعهم في السجود، أي: فسجدوا كلهم في حالة واحدة، قال الزجاج: وقول سيبويه أجود، لأن * (أجمعون) * معرفة، فلا يكون حالا * (إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين) * أي: امتنع أن يكون معهم، فلم يسجد معهم، وقد سبق القول في أن إبليس هل كان من الملائكة أو لم يكن