من الأمم، عن البلخي، والجبائي. والمراد: ان إعراضهم عن القرآن، لا يمنعنا من أن ندخله في قلوبهم، تأكيدا للحجة عليهم والآخر: ان المعنى نسلك الاستهزاء في قلوبهم، عقوبة لهم على كفرهم. والأول هو الصحيح.
وقد رووا عن جماعة من المفسرين، ان المراد: نسلك الشرك في قلوب الكفار، وذلك لا يصح لأنه لم يجر للشرك ذكر، وقد جرى ذكر الذكر وهو القرآن، ولأنه قال: * (لا يؤمنون به) *. ولو عاد الضمير في قوله * (به) * إلى الشرك، لكان الكفار محمودين، إذا كانوا لا يؤمنون بالشرك، ولا خلاف ان الآية وردت على سبيل الذم لهم. ولو كان الله سبحانه قد سلك الكفر في قلوبهم، لسقط عنهم الذم، ولما جاز أن يقول لهم كيف تكفرون وأنتم عليكم آيات الله. لقد جئتم شيئا إدا. تكاد السماوات يتفطرن منه؟ وكيف ينكر عليهم هذا الانكار وهو الواضع لذلك في قلوبهم؟ وكيف يأمرهم باخراجه من حيث وضعه فيه، تعالى وتقدس عن ذلك.
* (وقد خلت سنة الأولين) * أي: مضت طريقة الأمم المتقدمة بأن كانت رسلهم تدعوهم إلى كتب الله المنزلة، ثم لا يؤمنون. وقيل: مضت سنة الأولين بأن عوجلوا بعذاب الاستئصال عند الإتيان بالآيات المقترحة مع اصرارهم على الكفر، عن أبي مسلم. وقيل: مضت سنتهم في التكذيب كما أن قومك كذبوك، عن ابن عباس، ثم قال بعد ما تقدم ذكر اقتراحهم للآيات * (ولو فتحنا عليهم) * أي: على هؤلاء المشركين * (بابا من السماء) * ينظرون إليه * (فظلوا فيه يعرجون) * أي: فظلت الملائكة نصعد وتنزل في ذلك الباب، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: فظل هؤلاء المشركون يعرجون إلى السماء من ذلك الباب، وشاهدوا ملكوت السماوات، عن الحسن، والجبائي، وأبي مسلم.
* (لقالوا إنما سكرت أبصارنا) * أي: سدت وغطيت، عن مجاهد. وقيل:
أغشيت وعميت، عن ابن عباس، والكلبي، وأبي عمرو، والكسائي. وقيل:
تحيرت وسكنت عن أن تنظر * (بل نحن قوم مسحورون) * سحرنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلا ننظر ببصر، ويخيل الأشياء إلينا على خلاف حقيقتها، ثم ذكر سبحانه دلالات التوحيد فقال سبحانه: * (ولقد جعلنا) * أي: خلقنا، وهيأنا * (في السماء بروجا) * أي: منازل الشمس والقمر * (وزيناها للناظرين) * بالكواكب النيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام، وهي اثنا عشر برجا. وقيل: البروج النجوم، عن ابن عباس،