ووافقهم مالك وسيجئ تحقيق المسألة في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى وقيل معناه من أي جهة شئتم لما روي من أن اليهود كانوا يقولون من جامع امرأته في قبلها من دبرها يكون ولدها أحول فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فنزلت وقيل معناه متى شئتم واستدلوا به على جواز الوطي بعد انقطاع الحيض وقيل الغسل لشمول لفظة إلى جميع الأوقات إلا ما خرج بدليل كوقت الحيض والصوم وفيه أن القول بمجئ أنى بمعنى متى يحتاج إلى شاهد ولم يثبت بل قال الطبرسي رحمه الله أنه خطأ عند أهل اللغة وقوله تعالى وقدموا لأنفسكم أي قدموا الأعمال الصالحة التي أمرتم بها ورغبتم فيها لتكون لكم ذخرا في القيامة وقيل المراد بالتقديم طلب الولد الصالح والسعي في حصوله لقوله صلى الله عليه وآله إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا عن ثلاث ولد صالح يدعو له وصدقة جارية وعلم ينتفع به وقيل المراد بالتقديم التسمية عند الجماع وقيل تقديم الدعاء عنده وقوله جل وعلا واعلموا أنكم ملاقوه أي ملاقوا ثوابه إن أطعتم وعقابه إن عصيتم وليس المراد بالملاقاة رؤيتنا له تعالى كما هو مذهب العامة واعلم أنه قد استنبط بعض المتأخرين من الآية الأولى أحكاما ثلاثة أولها أن دم الحيض نجس لأن الأذى بمعنى المستقذر وثانيها أن نجاسته مغلظة لا يعفى عن قليلها أعني ما دون الدرهم للمبالغة المفهومة من قوله تعالى هو أذى وثالثها أنه من الأحداث الموجبة للغسل لإطلاق الطهارة المتعلقة به وفي دلالة الآية على هذه الأحكام نظر أما الأولان فلعدم نجاسة كل مستقذر فإن القيح والقئ من المستقذرات وهما طاهران عندنا وأيضا فهذا المستنبط قائل كغيره من المفسرين بإرجاع الضمير في قوله تعالى هو أذى إلى المحيض بالمعنى المصدري لا إلى الدم فإن قلت يجوز أن يراد بالمحيض الحيض وبضميره دمه على سبيل الاستخدام قلت هو مجرد احتمال لم ينقل عن المفسرين فكيف يستنبط منه حكم شرعي وأما الثالث فلأن الآية غير دالة على الأمر بالغسل بشئ من الدلالات ولا سبيل إلى استفادة وجوبه من كونه مقدمة الواجب أعني تمكين الزوج من الوطي لأن جمهور فقهائنا على جوازه قبل الغسل بعد النقا فلا تغفل درس اختلف الأمة في المراد بالاعتزال في قوله سبحانه فاعتزلوا النساء في المحيض فقال فريق منهم المراد ترك الوطي لا غير لما روي من أن أهل الجاهلية كانوا يجتنبون مؤاكلة الحيض ومشاربتهن ومساكنتهن كفعل اليهود والمجوس فلما نزلت الآية الكريمة عمل المسلمون بظاهر الاعتزال لهن وعدم القرب منهن فأخرجوهن من بيوتهم فقال أناس من الأعراب يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة فإن آثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت وإن استأثرنا بها هلكت الحيض فقال صلى الله عليه وآله إنما أمرتم أن تعزلوا مجامعتهن إذا حضن و لم يأمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم وأكثر علمائنا قدس الله أرواحهم قائلون بذلك ويخصون الوطي المحرم بالوطي في موضع الدم أعني القبل لا غير ويجوزون الاستمتاع بما عداه ووافقهم أحمد بن حنبل ومما يدل عليه ذلك ما رواه شيخ الطائفة في الصحيح عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما للرجل من الحائض قال ما بين أليتيها ولا يوقب وما رواه أيضا في الموثق عنه عليه السلام أنه قال إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم وعن عبد الملك بن عمر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما لصاحب المرأة الحائض منها قال كل شئ ما عدا القبل بعينه وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يأتي أهله فيما دون الفرج وهي حائض قال لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع وقال السيد
(٣١٨)