على الممسوحات بل ولا على تقديم الوجه على اليدين ولا الرأس على الرجلين إذ غاية ما دل عليه أن المرافق نهاية الغسل و الكعبين نهاية المسح وهذا يتحقق لو وسط الوجه بين اليد اليمنى واليسرى وكذا لو وسط الرأس بين إحدى الرجلين و الأخرى إذ يصدق على هذا الوضوء أن نهاية الغسل فيه المرافق ونهاية المسح الكعبان وأما ثانيا فلأنه لا ينطبق على ما عليه أكثر علمائنا من وجوب الابتداء في غسل اليدين بالمرفقين بل ولا على ما ذهب إليه أقلهم كالمرتضى رضي الله عنه من جواز النكس لأنه لا يوجبه وإنما يقول بإجزائه ولو تم هذا الدليل لاقتضى وجوبه كما لا يخفى ومما تلوناه يظهران هذا الدليل إنما يدل بعد اللتيا واللتي على وجوب ترتيب ما في الجملة بين أعضاء الوضوء وعدم إجزاء بعض الصور السبعمأة والعشرين التي جوزها الحنفية كتأخر غسل الوجه عن غسل اليدين فيمكن أن يجعل دليلا إلزاميا لهم على وجوب الترتيب في الوضوء لأنه إذا ثبت الترتيب في البعض ثبت في الكل إذ لا قائل بالفصل ولا يخفى أنه لو تم على العامة لاقتضى إلزامهم بوجوب تقديم غسل الرجلين على مسح الرأس لعطفهم الأرجل على الوجوه فتأمل وقد يستنبط الترتيب الذي نحن عليه من الآية باستعانة ما روي من أنه لما نزل قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله قيل يا رسول الله بأيهما نبدأ فقال صلى الله عليه وآله بدءوا بما بدأ الله به وهو عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولا يخفى ما في هذا الدليل فإنه وإن دل على تقديم الوجه على اليدين والرأس على الرجلين لكن لا يدل على تقديم اليد اليمنى على اليسرى بل يمكن أن يقال إنه إنما يدل على وجوب الابتداء بالوجه وعدم تقديم شئ من الأعضاء عليه وأما الترتيب بقية الأعضاء فللبحث في دلالته عليه مجال لأنه إنما دل على الابتداء بما بدء الله تعالى به لا على التثنية بما ثنى والثلاث بما ثلث وفهم السائلين التثنية بالمروة لأنه لا ثالث هناك بخلاف ما نحن فيه اللهم إلا أن يحمل الابتداء في قوله ص ع ابدأوا بما بدأ الله به على عموم المجاز ليشمل الابتداء الحقيقي والإضافي معا والأولى أن يضاف إلى هذا الدليل مقدمة أخرى وهو أنه إذا ثبت وجوب تقديم الوجه ثبت الترتيب لعدم القائل بالفصل درس اختلف الأمة في المراد بالكعب في قوله تعالى إلى الكعبين فلأصحابنا رضي الله عنهم قولان الأول أنه فيه القدم أمام الساق ما بين المفصل والمشط وعليه أكثر فقهائنا المتأخرين وكلام شيخنا المفيد طاب ثراه صريح فيه الثاني أنه عظم مائل إلى الاستدارة واقع في مفصل القدم نأت عن ظهره يدخل نتوة في طرف الساق وهو مشاهد في عظام الأموات وقد يعبر عنه بالمفصل لمجاورته له ووقوعه فيه وهذا هو الكعب عند العلامة جمال الملة والدين قدس الله روحه وبه صرح ابن الجنيد حيث قال الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي هو قدام العرقوب وأما العامة فأكثرهم على أنه أحد العظمين الناتيين عن يمين القدم وشماله ويقال لهما المنجمان والنادر منهم كمحمد بن الحسن الشيباني على أنه العظم الواقع في مفصل القدم كما هو عند العلامة طاب ثراه وأما اللغويون فالمستفاد من تتبع كلامهم أن الكعب في كلام العرب يطلق على أربعة معان الأول نفس المفصل بين الساق والقدم كما قال في القاموس الكعب كل مفصل للعظام انتهى وأهل اللغة يسمون المفاصل التي بين أنابيب القصب كعابا قال في الصحاح كعوب الرمح والنواشز في أطراف الأنابيب وقال في المغرب الكعب المعقدة بين الأنبوبتين في القصب الثاني العظم الناتئ
(٢٨٣)