المرتضى رضي الله عنه يحرم على زوجها الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها ووافقه بقية أصحاب المذاهب الأربعة ويشهد له ما رواه رئيس المحدثين في الصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي أنه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض ما يحل لزوجها قال تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها له ما فوق الإزار والأولى أن تحمل هذه الرواية وأمثالها على كراهية الاستمتاع بما بين السرة والركبة استصحابا للمحل والروايات الدالة المتضافرة بعضها على جواز التفخيذ و بعضها على تخصيص الحرام بموضع الدم وإن كان بعضها غير نقي السند واستدل العلامة طاب ثراه على ذلك في المنتهى بما حاصله أن المحيض في قوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض أما أن يراد به المعنى المصدري أو زمان الحيض أو مكانه و على الأول يحتاج إلى الإضمار إذ لا معنى لكون المعنى المصدري ظرفا للاعتزال فلا بد من اضمار زمانه أو مكانه لكن الإضمار خلاف الأصل وعلى تقديره اضمار المكان أولى إذ اضمار الزمان يقتضي بظاهره وجوب اعتزال النساء مدة الحيض بالكلية وهو خلاف الإجماع وبهذا يظهر ضعف الحمل على الثاني فتعين الثالث وهو المطلوب هذا حاصل كلامه قدس الله روحه وللبحث فيه مجال كما لا يخفى ثم إن الاعتزال المأمور به في الآية الكريمة هل هو معنى بانقطاع الحيض أو بالغسل اختلف الأمة في ذلك أما علمائنا قدس الله أرواحهم فأكثرهم على الأول وقالوا بكراهة الوطي قبل الغسل فإن غلبة الشهوة أمرها بغسل فرجها استحبابا ثم يطأها وذهب رئيس المحدثين إلى الثاني فإنه قال بتحريم وطيها قبل الغسل إلا بشرطين الأول أن يكون الرجل شبقا والثاني أن تغسل فرجها وذهب الشيخ أبو علي الطبرسي إلى أن حل وطيها مشروط بأن تتوضأ أو تغسل فرجها وأما أصحاب المذاهب الأربعة سوى أبي حنيفة فعلى تحريم الوطي قبل الغسل وأما هو فقد ذهب إلى حل وطيها قبل الغسل إن انقطع الدم لأكثر الحيض وتحريمه إن انقطع لدون ذلك واحتج العلامة في المختلف على ما عليه أكثر علمائنا بما تضمنته الآية من تخصيص الأمر بالاعتزال بوقت الحيض أو موضع الحيض وإنما يكون موضعا له مع وجوده والتقدير عدمه فينتفي التحريم وبما يقتضيه قراءة التخفيف في يطهرن وجواز أن يحمل التفعل في قوله تعالى فإذا تطهرن على الفعل كما تقول تطعمت الطعام أي طعمته أو يكون المراد به غسل الفرج هذا ملخص كلامه وهو كما ترى والحق أن الاستدلال بالآية على حل الوطي قبل الغسل لا يخلو من إشكال والأولى الرجوع في ذلك إلى الروايات وهي وإن كانت متخالفة إلا أن الدال منها على الحل أقوى سندا كما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسند صحيح عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيامها قال إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها إن شاء قبل أن تغتسل وكما رواه شيخ الطائفة في الموثق عن علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن الحائض ترى الطهر فيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل قال لا بأس وبعد الغسل أحب إلى وأما الروايات الدالة على التحريم فضعيفة جدا مع أن حمل النهي فيها على الكراهة ممكن كما يشهر به هذه الرواية وكذا حملها على التقية لموافقتها مذهب العامة هذا ولا يخفى أن ما ذهب إليه رئيس المحدثين قده هو المستفاد من الروايات الصحيحة فإني لم أظفر في هذا الباب برواية صحيحة السند سواها و يؤيده قول بعض المفسرين في قوله تعالى فإذا تطهرن فأتوهن أي فإذا غسلن فروجهن وحينئذ تحمل الموثقة المذكورة على حصول الشرطين وليس أخبار حمل التحريم على الكراهة بأولى من حملها على عدم حصول الشرطين كما ذكرته في الحبل المتين والله أعلم
(٣١٩)