هذا هو الكتاب المسمى بالعروة الوثقى للإمام العلامة والهمام الفهامة أفضل المحققين وأعلم المدققين شيخنا بهاء الملة والدين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أنزل على عبده كتابا إلهيا يتفجر من بحاره أنهار العلوم الحقيقية تفجيرا وخطابا سماويا تقتبس من أنواره أسرار الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا وأقعد فرسان اللسان عن الجري على أثره وأخرسهم عن معارضة أقصر سورة من سوره فأذعنوا بالعجز عن الإتيان بما يكون لآية من آياته نظيرا وأيقنوا أنه لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا وجعله برهانا باقيا ببقاء الأيام والشهور وتبيانا راقيا بارتقاء الأعوام والدهور لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا تطرق إليه التغيير في ذاته ولا وصفه فارجع البصر هل ترى فيه من تفاوتا أو نكيرا ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسيرا والصلاة على أرفع الرسل درجة لديه وأقربهم منزلة إليه صدر صحيفة المظاهر الربانية ومنبع رحيق الفيوض السبحانية الذي أرسل بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا واصطفاه بالنبوة قبل أن يخمر طينة آدم تخميرا وآله مصابيح الإسلام ومفاتيح دار السلام أئمة الدين المبين وحجج الله على العالمين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وجعل مودتهم أجرا لرسالة تنويها بشأنهم وتذكيرا وتبصرة لمن كان سميعا بصيرا أما بعد فإن أفقر العباد إلى رحمة الله الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي وقفة للعمل في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده يقول إن أهم ما وجهت إليه الهمم وبيضت عليه اللمم وأولى ما صرفت في مدارسه الأعمار وأحرى ما انقضت في ممارسته آناء الليل والنهار هو العلوم الدينية التي بمداولتها يتحصل الفوز بأعظم السعادات والمفاخر وبمزاولتها يتوصل إلى النجاة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر وأن أعظمها قد رأوا أنوارها في سماء الرفعة بدرا هو تفسير كلام الملك العلام الذي هو ملك تلك العلوم بغير كلام إذ منه تفرعت أصولها وتنوعت فصولها واجتنيت أثمارها واجتليت أنوارها فلا قسم بالسبع المثاني والقرآن العظيم إنه أولى العلوم بوفور التوقير والتعظيم فطوبى لقوم ولوا وجوههم شطر مطالبه وتوجهوا تلقاء مدين مآربه فأولئك الذين نالوا من الله كرامة و
(٣٨٦)