قال رأيت أبا الحسن عليه السلام يستيقظ من نومه يتوضأ ولا يستنجي وقال كالمتعجب من رجل سماه بلغني أنه إذا خرجت منه ريح استنجى (يب) محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عن علي عليه السلام أنه إذا كان خرج من الخلا قال الحمد لله الذي رزقني لذته وأبقى قوته في جسدي وأخرج عني أذاه يا لها نعمة ثلاثا (ن) اللام في يا لها نعمة لام الإختصاص دخلت هنا للتعجب والضمير يرجع إلى النعمة المدلول عليها بالكلام السابق ونصب نعمة على التمييز نحو جائني زيد فياله رجلا ولفظة ثلاثا لعله قيل لهذه الجملة الأخيرة والأولى الإتيان بالدعاء ثلاثا المقصد الثاني في الأغسال الواجبة والمستحبة وفيه بابان الباب الأول في الأغسال الواجبة وفيه مطالب المطلب الأول في غسل الجنابة وفيه فصول الفصل الأول في موجباته قال الله تعالى في سورة النساء يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وقال جل شأنه في سورة المائدة يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا الكلام في تفسير الآية الأولى وآخر الآية الثانية يتم بإيراد ثلاثة دروس درس قد مر في أول المقصد الأول بيان بعض النكات في الخطاب بيا أيها الذين آمنوا وفي النهي عن الشئ بالنهي عن القرب منه مبالغة في الاحتراز عنه و الاجتناب له كما قال سبحانه ولا تقربوا مال اليتيم ولا تقربوا الزنى ولا تقربوهن حتى يطهرن وقد نقل أصحابنا أن المراد بالصلاة هيهنا مواضعها أعني المساجد وقد يستفاد ذلك مما رواه زرارة ومحمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام فالكلام أما من قبيل تسمية المحل باسم الحال فإنه مجاز شايع في كلام البلغاء أو على حذف مضاف أي مواضع الصلاة والمعنى والله أعلم لا تقربوا المساجد في حالين إحديهما حالة السكر فإن الأغلب أن الذي يأتي المساجد إنما يأتيه للصلاة وهو مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الإتيان بها على وجهها والحالة الثانية حالة الجنابة واستثنى من هذه الحالة ما إذا كنتم عابري سبيل أي مارين في المسجد ومجتازين فيه والعبور الاجتياز والسبيل الطريق وفي تفسير الآية الكريمة وجه آخر نقله بعض المفسرين عن ابن عباس وسعيد بن جبير وربما رواه بعضهم عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو أن المراد والله أعلم لا تصلوا في حالين حال السكر وحال الجنابة واستثنى من حال الجنابة ما إذا كنتم عابري سبيل أي مسافرين غير واجدين للماء كما هو الغالب من حال المسافرين فيجوز لكم حينئذ الصلاة بالتيمم الذي لا يرتفع به الحدث وإنما يباح به الدخول في الصلاة وعمل أصحابنا رضي الله عنهم على التفسير الأول فإنه هو المروي عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم وأما رواية التفسير الثاني عن أمير المؤمنين عليه السلام فلم يثبت عندنا وأيضا فهو سالم من شابية التكرار لأنه سبحانه بين حكم الجنب العادم للماء في آخر الآية حيث قال جل شأنه وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا إماء فتيمموا صعيدا طيبا فإن قوله سبحانه أو لامستم النساء كناية عن الجماع كما رويناه عن أئمتنا صلوات الله عليهم وليس المراد به مطلق اللمس كما يقوله الشافعي ولا الذي بشهوة كما يقوله مالك وفي الآية الكريمة وجه آخر نقله بعض فضلاء فن العربية من أصحابنا الإمامية رضي الله عنهم في كتاب ألفه في الصناعات البديعية وهو أن تكون الصلاة في قوله سبحانه لا تقربوا الصلاة على معناها
(٣٠٨)