هذه رسالة منيفة عزيزة ونسخة شريفة وجيزة في تحقيق مقدار الكر للعلامة المحقق البهائي بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين نحمدك يا من ملأ حياض قلوبنا بماء ولاء النبي والآل ونشكرك يا من طهر نفوسنا عن الانغماس في غدران الزيغ والضلال ونصلي على نبيك الصادع بأمرك ونهيك والمبلغ لأعباء وحيك وآله الذين طهرتهم عن الرجس بنص الكتاب وجعلتهم السقاة على الحوض يوم يقوم الحساب وبعد فيقول الفقير إلى الله الغني بهاء الدين محمد العاملي عامله بلطفه وإحسانه وأذاقه حلاوة غفرانه إن أحق ما صرف إليه المكلف همته وبيض في الحوض فيه لمته وأنفذ في مزاولته عمره وأراض في مداولته فكره هو علم الفقه الذي هو لعمر الله أرجح المطالب وأعلاها وأنجح المكاسب وأغلاها إذ بممارسته يحصل الفوز يأتم المفاخر وبمدارسته يتوصل إلى النجاة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر والمنة لم أزل منذ نشأت متشبثا بأردانه متنزها بين رياضه وغدرانه فبينما الخاطر يرتشف من رحيق حقائقه ويقتطف من ثمار دقائقه إذ عثر سبوحه ب مسألة الكر وتحقيق تقديره وكيفية مساحته وتكسيره فجال بخاطري أن أرتب مقالة أذكر فيها ما قامت عليه الدلائل الصحيحة من مقداره وقادت إليه الحجج الصريحة من كمية أشباره وأن المح فيها إلى المشهور من أشكال الآنية وكيفية مساحتها على ما قامت عليه الدلائل الهندسية فإن فقهائنا رضوان الله عليهم أجمعين إنما بينوا مساحة المكعب من الأشكال تسهيلا على الطالبين وتقريبا إلى إفهام المبتدئين وأما استعلام باقي أشكاله كالمستدير والمثمن والمثلث والمعين فقد جعلوها موكولة إلى القواعد الحسابية و الدلائل الهندسية وقد أوردت في هذه الرسالة من ذلك ما لا بد منه ولا غنية للطالب عنه ليكون محيطا بكيفية مساحته على اختلاف أنواعها عالما بطريق تكسيره على تباين أوصافها سالكا في ذلك أقرب طريق وأيسره ذاكرا فيه أسهل وجه وأخصره ممثلا لما عساه يحتاج إلى المثال على حسب ما اقتضاه الحال مع تشتت البال بمقاساة أمور تحدث في الطبع كلا لا وتورث النفس من الحياة ملالا ولما حان حين ختامها وبرزت أزهارها من أكمامها أحببت أن يسمو قدرها ويولج على سماء العز بدرها فرسمتها باسم رؤس المنابر في الآفاق وسيما في سماء السمو على سرير الملك بالإرث والاستحقاق مرنح ظلم الظلم من بساط البسيط بكواكب موكبه ومزيل غمام الغموم بغرائب الرغائب من سواهب مواهبه الملك الذي منتهى مطلبه تشييد قواعد شرايع الإسلام على قانون آبائه الطاهرين ونهاية مقاصده إحياء علوم الدين بالإرشاد والهداية إلى منهاج الأئمة المعصومين قصارى منيته كشف الغمة عن الأمة بإيضاح الحق ونهج اليقين وغاية بغيته تجريد مسالك الملك عن أهل الخلاف أجمعين أعظم ملوك
(٣٧٤)