وتسمى الشفاء والشافية لما روي عنه صلى الله عليه وآله فاتحة الكتاب شفاء من كل داء والأساس لما مر في تسميتها بالفاتحة لقول ابن عباس رحمه الله أن لكل شئ أساسا إلى أن قال وأساس القرآن الفاتحة وتسمى تعليم المسألة لأنه سبحانه علم فيها عبادة آداب السؤال من الثناء على المسؤول منه أولا ثم الإخلاص في التوجه إليه والإعراض عما سواه ثم عرض الحاجة عليه وتسمى سورة الصلاة والصلاة أيضا لوجوب قرائتها فيها ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين والمراد بها الفاتحة كما يظهر من تتمة الحديث وقد اختلفوا أنها مكية أو مدنية والأول هو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد يستدل عليه بقوله عز وعلا في سورة الحجر " ولقد آتيناك سبعا من المثاني " وهي مكية بنص جماعة من السلف أما ما روي من أن السبع المثاني هي السبع الطوال فلا ينهض لمعارضته الروايات الدالة على أنها الفاتحة لكن التعبير عن المستقبل المتحقق الوقوع بالماضي شايع في القرآن المجيد فالأولى الاستدلال بما شاع وذاع من أن الصلاة فرضت بمكة ولم ينقل إلينا صلاة خالية عن الفاتحة مع توفر الداعي إلى نقل أمثال ذلك والقول بأنها مدنية منسوب إلى مجاهد وهو متروك وقيل إنها مكية مدنية لنزولها في كل من الحرمين الشريفين كما مر وقد يزيف بأن النزول ليس إلا الظهور من عالم الغيب إلى عالم الشهادة وهذا مما لا يقبل التكرر ودفعه ظاهر على من عرف حقيقة الوحي والله سبحانه أعلم بحقايق الأمور بسم الله الرحمن الرحيم أطبق الأمة على أنها بعض آية من القرآن ولكن طال تشاجرهم في شأنها أوائل السور الكريمة المصدرة بها في المصاحف المجيدة هل هي هناك جزء من كل واحدة من ترك السور سواء الفاتحة وغيرها أو أنها جزء من الفاتحة وحدها لا غير أو أنها ليست جزء من شئ منها بل هي آية قده من القرآن أنزلت للفصل بها بين السور أو أنها لم ينزل إلا بعض آية في سورة النمل وليست جزء من غيرها وإنما يأتي بها التالي والكاتب في أوائل السور تبركا وتيمنا باسمه جل و علا أو أنها آيات من القرآن أنزلت بعدد السور المصدرة بها من غير أن يكون شئ منها جزء لشئ منها والقول الأول هو مذهب أصحابنا رضي الله عنهم وقد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وعليه فقهاء مكة والكوفة وقراءهما سوى حمزة ووافقهم سعيد بن جبير والزهري وابن المبارك وقالون من قراء المدينة وبه قال أكثر الشافعية والقول الثاني هو المختار عند بعض الشافعية والقول الثالث هو الراجح عند متأخري فقهاء الحنفية وإن كان المشهور بين قدمائهم هو القول الرابع وهو الذي قال به قرأ البصرة والشام والمدينة إلا قالون وعليه فقهاء هذه الأمصار كمالك والأوزاعي ووافقهم حمزة من قرأ الكوفة وقال بعض المتأخرين إنه أبا حنيفة لم ينص في البسملة بشئ لكن لما كان كوفيا وقد نص الكوفيين على جزئيتها دونه ظن أنها ليست من السورة عنده ولا يخفى إن عدم نصه فيها لا يدل على ما ظن بشئ من الدلالات لاحتمال توقفه في أمرها وأما القول الخامس فقد نسبه صاحب النشر إلى أحمد وداود فلا عبرة بما قيل إنه مجرد احتمال لم يقل به أحد لنا ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قرء سورة الفاتحة وعد بسم الله الرحمن الرحيم " الحمد لله رب العالمين "
(٣٩١)