من العامة لا يعتد بهم ولا بخلافهم وأما الكعبان فالمشهور بين علمائنا عدم دخولهما في المسح وليس في روايتنا تصريح بدخولهما فيه بل في بعضها إشعار بعدمه وأما العامة فقد أدخلوهما في الغسل وقد ظن بعضهم دلالة الآية على وجوب إمرار اليد على الوجه واليدين حال غسلهما زاعما أن الدلك مأخوذ في حقيقة الغسل فالأمر به مستلزم له وهو وهم باطل لا تساعد عليه لغة ولا يشهد به عرف والحق حصول الغسل بصب الماء على العضو أو غمسه فيه وإن لم يدلك وقد وافقهم بعض علمائنا على وجوب إمرار اليد عليهما حال غسلهما لكن لا فهما من الآية الكريمة بل استنادا إلى ما ثبت بالنقل الصحيح من إمرار الباقر عليه السلام يده على وجهه ويديه عند حكاية وضوء النبي صلى الله عليه وآله كما سيجئ والقول به لا يخلو من وجه إن لم يكن انعقد الإجماع منا على خلافه واعلم أنهم حملوا الماء في قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم على مطلق الإلصاق ومن ثم أوجب بعضهم مسح كل الرأس واكتفى بعضهم ببعضه وأما نحن فالباء في الآية عندنا للتبعيض كما نطقت به صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام حيث قال فيها إن المسح ببعض الرأس لمكان الباء وبعد ورود مثل هذه الرواية عنهم عليهم السلام فلا يلتفت إلى إنكار سيبويه مجئ الباء في كلام العرب للتبعيض في سبعة عشر موضعا من كتابه على أن إنكاره هذا مع أنه كالشهادة على نفي معارض بإصرار الأصمعي على مجيئها له في نظمهم ونثرهم وهو أشد أنسا بكلام العرب وأعرف بمقاصدهم من سيبويه ونظرائه وقد وافق الأصمعي كثير من النحاة فجعلوها في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله للتبعيض وعندنا أن الواجب في مسح كل من الرأس والرجلين ما يتصدق عليه الاسم لحصول امتثال الأمر بالكلي بالإتيان بأحد جزئياته وقد دل على ذلك صريحا صحيح الآخرين عن الباقر عليه السلام حيث قال فإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزئك درس الحق أنه لا دلالة في الآية الكريمة على الترتيب أصلا إذا الأصح أن الواو لمطلق الجمع في عطف المفردات والجمل وما قيل من استفادة الجمع فيها من جوهر اللفظ فلا حاجة إليه مدفوع باحتمال الأضراب وقوله صلى الله عليه وآله في السعي ابدؤا بما بدء الله به معارض بسؤالهم وكذا إنكارهم على ابن عباس في تقديم العمرة معارض بأمره بل هو أدل على مرادنا وأما استفاد الترتيب فيما نحن فيه من الفاء الجزائية المفيدة لتعقيب جزائها لشرطها أعني تعقيب القيام إلى الصلاة بغسل الوجه على ما مر بيانه فقد عرفت الكلام فيه ونحن إنما استفدنا وجوب الترتيب الذي عليه أصحابنا من النقل عن أئمتنا عليهم السلام وقد حاول بعض الأعاظم من متأخري علمائنا استنباطه من الآية بوجه آخر بيانه أنه قد تقرر في العربية أن العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه والعامل هنا فعل الغسل الواقع على الوجه واليدين ولفظة إلى متعلقة به وهي لانتهاء غاية المصدر الذي تضمنه الفعل أعني طبيعة الغسل وقد جعل غايته المرفقين فليس بعد غسلهما غسل والوجه مغسول فغسله قبل غسلهما البتة ولا يجوز أن يقدر اغسلوا لتكون كلمة إلى غاية له وحده للزوم تغاير عاملي المعطوف والمعطوف عليه وقس على هذا فعل المسح الواقع على الرأس والرجلين هذا حاصل الدليل وظني أنه قاصر عن إفادة المراد بل منحرف عن نهج السداد أما أولا فلتطرق الخدش إلى بعض مقدماته وبعد الإغماض عن ذلك فلا دلالة فيه على تقديم اليد اليمنى على اليسرى ولا على تقديم المغسولات
(٢٨٢)