إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا وفي خبر آخر إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر لم يحمل خبثا فإن الحنفية قد طعنوا فيه و قالوا إنه مدني فلو كان صحيحا لعرفه المالك وعلى تقدير الصحة يمكن حمل القلتين فيه على الكر وقد حمل عليه ما رواه الصدوق أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ والقلتان جرتان وأيد ذلك الحمل بما حكي عن ابن دريد من أنه قال القلة من قلل الجر عظيمة تسع خمس قرب وكأنه لذلك سميت الحياض التي في الحمامات بالقلتين وحمل عليه أيضا ما رواه الشيخ قدس سره عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رواية من ماء سقطت فيها فارة أو جرذ أو صعوة ميتة قال إذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ منها وإن كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء قال وقال أبو جعفر عليه السلام إذا كان الماء أكثر من رواية لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم يتفسخ إلا أن يجئ له ريح تغلب على ريح الماء ويؤيد هذا التأويل ما رواه عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكر من الماء نحو حبي هذا وأشار إلى حب من تلك الحباب التي تكون بالمدينة وذهب شيخنا المفيد طاب ثراه في المقنعة والسلار على ما حكي عنه إلى أن الكر من الحياض والأواني كالقليل ينجس بالملاقاة ولم أر مستندا لهما ولبعد ما ذهب إليه قيل مرادهما بالكثرة هنا الكثرة الإضافية العرفية وبالحياض والأواني التي تتخذ من الجلود لسقي الدواب وهي ناقصة عن الكر وهذا التأويل أبعد ثم إن النصوص الدالة على اعتبار الكثرة وكلام أكثر الأصحاب خالية عن التقييد و بتساوي السطوح بل ظاهرهما تقوي كل من العالي والسافل بالآخر إذا كانا ماء واحدا عرفا واعتبر بعضهم التساوي وقيل الأسفل يتقوى بالأعلى وإلا لزم أن ينجس كل ما يكون تحت النجاسة من الماء المنحدر وأن يكون نهرا عظيما و اعلم أن الكر في النصوص وكلام الأصحاب تحديد ين واختلف في كل منهما على مذاهب الأول تحديده بحسب المساحة والمشهور بينهم اعتبار ثلاثة أشبار ونصف في كل من الجهات الثلاثة ويدل عليه رواية الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قلت وكم الكر قال ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها وخبر أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره قال إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثلثه ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء ودلالة الخبرين أما الأول فمبني على أن المراد بالعرض فيه السعة الشاملة للطول والعرض كما ذكره في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى " عرضها السماوات والأرض " وقال بعض المحققين تحديد العرض بما ذكر مستلزم لكون الطول من سهو النساخ أو الراوي فقد روي في الاستبصار عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان الماء في الركى كرا لم ينجسه شئ قلت وكم الكر قال ثلاثة أشبار ونصف طولها في ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار و نصف عرضها وأما الثاني فبناء على كون قوله عليه السلام في عمقه في الأرض خبرا آخر لكان من غير عاطف وهو الشايع في الاستعمال فالمذكوران أولا لبيان العرض والطول وهذا لبيان العمق ولكن قدره مسكوت عنه وكأنه مبني على الحوالة أما لو كان بدلا أو بيانا لقوله في مثله ثلاثة أشبار فيكون أحد البعدين من الطول والعرض مسكوتا
(٣٨٣)