الوصل قضاء لحق العادة واشتقاقه من السمو لأنه رفعه للمسمى وأصله سمو كنصف وعضو وعند الكوفيين من السمة وأصله وسم فعوضوا عن الواو همزة وصل فلم يكثر إعلاله بحذف لامه وإسكان فائه ويشهد للأول اطراد تصريفه جمعا وتصغيرا ونحوهما على أسماء وسمى وسميت دون أو سام ووسم ووسمت والقلب مع بعده لا يطرد وأما ورود سمى كهدى في قوله والله أسماك شمارا كافلا ينهض شاهدا لمجئ سم بالضم في قوله بسم الذي في كل سورة سمة فلعل هو الوارد هناك أيضا فإعرابه حينئذ ظاهر لا مقدر ويرد على الثاني أن المعهود في كلامهم تعويض الهمزة عن العجز كابن ونظائره لا عن الصدر بل المعهود التعويض عنه بالهاء كالزنة والعدة ونحوهما وقد اشتهر الخلاف في أن الاسم هل هو غير المسمى أو عينه ونسب الأول إلى المعتزلة والثاني إلى الأشاعرة وتحير التحاريز في محل البحث بحيث يصير قابلا للنزاع حتى قال بعضهم أن البحث فيه عبث وهو كذلك بحسب الظاهر فإنه إن أريد اللفظ فلا مرية في أنه غير المسمى إذ لا يشك عاقل في أن لفظ فرس مثلا غير الحيوان الصاهل ولفظ نار غير الجسم المحرق ولا حاجة فيه إلى الاستدلال بتألف الاسم من أصوات غير قارة واختلافه باختلاف الأمم وتعدده تارة واتحاده أخرى بخلاف المسمى وإن أريد ذات الشئ كما في قولنا الفرس مركوب كان عبارة عن المسمى وإن أريد به الصفة كما هو رأي الأشعري انقسم انقسامها عنده إلى ما هو عين المسمى كالموجود وإلى ما هو غيره كالخالق وإلى ما ليس هو ولا غيره كالعالم وقد يقال إنه كما قد يعلم أن مراد اللافظ من الاسم اللفظ تارة والمسمى أخرى نحو زيد كلمة وعمرو متكلم فقد لا يعلم إرادته لأحدهما بخصوصه نحو أحمد مبارك وخالد ينصرف وخسرو أعجمي عند عدم قرينة حالية أو مقالية معينة للمراد فحينئذ فهل يحمل الاسم على اللفظ أو على المسمى فهذا هو محل النزاع بين الفريقين هذا وأما قوله تعالى " سبح اسم ربك " ووقوع النكاح والطلاق بالحمل على الأسماء فلا يدلان على العينية لوجوب تنزيه أسمائه جل وعلا عن الرفث وسوء الأدب واحتمال الاقتحام كما في قول البيد إلى الحول ثم اسم السلام عليكما وقيام القرينة الصارفة وإدخال الباء على الاسم دون لفظ الجلالة للإشعار بأنه كما يستعان بذاته سبحانه كما قال جل شأنه " وإياك نستعين " كذلك يستعان بذكر اسمه المقدس ولما في قولنا بسم الله الرحمن الرحيم من إبهام قصر الاستعانة والتبرك على هذه الأسماء ولأن الشايع لاستعانة على سبيل التبرك أن يكون بأسمائه تعالى لا بذاته سبحانه ولأنه أوفق بالرد على المشركين في قولهم باسم اللات والعزى وأما التعليل بالفرق بين اليمين والتيمن فهو كما ترى ولم يكتبوا الألف على ما هو الرسم لكثرة كتابة بسم الله فناسبها التخفيف بخلاف قوله تعالى " فسبح باسم ربك " فصل فقد اختلف كلام أهل الكمال وتشعبت المذاهب و الأقوال في لفظ الجلالة المقدسة كما اضطرب الأنظار والآراء وتاهت أفكار العقلاء في مدلولها المحتجب بأنوار العظمة والجلال عن خفافش الوهم والخيال فكأنه قد انعكس بعض أشعة المعنى على اللفظ فبهرت أبصار المتطلعين إلى طريقه وتلجلجت ألسنتهم عند بيانه وتحقيقه فقيل هو لفظ عبري وقيل سرياني وأصله لاها فعرب بحذف الألف الأخيرة وإدخال الألف واللام عليه وقيل هو عربي وأصله إله حذفت الهمزة وعوضت
(٣٩٤)