الكريمة مرتبة في الفضل عالية ومنزلة في الشرف رفيعة أو لأنها توجب علو درجته تاليها وسمو منزلته عند الله سبحانه وقيل واوها مبدل من الهمزة أخذا من السؤر بمعنى البقية والقطعة من الشئ واختلفوا في رسمها عرفا فقيل طائفة من القرآن مصدرة فيه بالبسملة أو براءة فأورد على طرده الآية الأولى من كل سورة فزيد متصل آخرها فيه بأحديهما فأورد على عكسه سورة الناس فزيد عليه أو غير متصل فيه بشئ منه فاستقام كذا قيل ولعله مع هذا عن الاستقامة بمعزل لورود بعض سوره النمل أعني أوائلها المتصلة بالبسملة آخرها وأواخرها المتصل بها أولها وقيل طائفة من القرآن مترجمة بترجمة خاصة ونقض طرده بآية الكرسي ورد بأن المراد بالترجمة الاسم وتلك إضافة محضة لم تبلغ حد التسمية وأنت خبير بأن القول ببلوغ سورتي الأسرى والكهف مثلا حد التسمية دون آية الكرسي لا يخلو من تعسف والأولى أن يراد بالترجمة ما يكتب في العنوان ومنه ترجمة الكتاب فالمراد به هيهنا ما جرت العادة برسمه في المصحف المجيد عند أول تلك الطائفة من لقبها وعدد آياتها ونسبتها إلى أحد الحرمين الشريفين فيسلم الطرد وما يتراءى من فساد العكس لعدم صدق الرسم حينئذ على شئ من السور قبل اعتياد رسم الأمور المذكورة في المصاحف فمما لا يخفى وجه التفصي عنه فإن قلت قد ذهب جماعة من قدماء الأمة إلى أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل والإيلاف وهو مذهب جماعة من فقهائنا رضوان الله عليهم فقد انتقض طرد كل من هذين التعريفين بكل واحدة من تلك الأربع قلت هذا القول وإن قال به جمع من السلف والخلف إلا أن الحق خلافه واستدلالهم بالارتباط المعنوي بين كل وصاحبتها وبقول الأخفش والزجاج أن الجار في قوله عز وجل لايلاف قريش متعلق بقوله جل شأنه فجعلهم كعصف مأكول وبعدم الفصل بينهما في مصحف أبي بن كعب ضعيف لوجود الارتباط بين كثير من السور التي لا خلاف بين الأمة في تعددها فليكن هذا من ذاك وكلام الأخفشين لا ينهض حجة في أمثال هذه المطالب وتعلق الجار بقوله تعالى فليعبدوا رب هذا البيت الذي لا مانع عنه وعدم الفصل في مصحف أبي لعله سهو منه على أنه لا يصلح معارضا لسائر مصاحف الأمة وأما ما ذكره جماعة من مفسري أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم كشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي في تفسيره المسمى بالتبيان وثقة الإسلام أبي على الطبرسي في تفسيره الموسوم بمجمع البيان من ورود الرواية بالوحدة عن أئمتنا عليهم السلام فهذه الرواية لم نظفر بها وما اطلعنا عليه من الروايات التي تضمنتها أصولنا لا تدل على الوحدة بشئ من الدلالات بل لعل دلالة بعضها على التعدد أظهر وأقصى ما تستنبط منها جواز الجمع بينهما في الركعة الواحدة وهو عن الدلالة على الوحدة بمراحل وما تشرفنا بمشاهدته في مشهد مولانا وإمامنا أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام من المصاحف التي قد شاع وذاع في تلك الأقطار أن بعضها بخطه عليه السلام وبعضها بخط آبائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين يؤيد ما قلناه من التعدد فإن الفصل في تلك المصاحف بين كل من تلك السور الأربع وصاحبتها على وتيرة الفصل بين البواقي والله أعلم بحقايق الأمور
(٣٨٨)