فهذا عبد الله بن مسعود قد روى عنه في إباحة قليل النبيذ الشديد من فعله وقوله ما ذكرنا ومن تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام على ما وصفنا وقد روى عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا أيضا حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد الزبيري قال ثنا سفيان عن علي بن بذيمة عن قيس بن حبتر قال سألت بن عباس عن الجر الأخضر والجر الأحمر فقال إن أول من سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وفد عبد القيس فقال لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير واشربوا في الأسقية فقالوا يا رسول الله فإن اشتد في الأسقية قال صلى الله عليه وسلم صبوا عليه من الماء وقال لهم في الثالثة أو الرابعة فأهريقوه حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا إسرائيل عن علي بن بذيمة عن قيس بن حبتر عن ابن عباس أنه سئل عن الجر فذكر مثل ذلك ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح لهم أن يشربوا من نبيذ الأسقية وإن اشتد فإن قال قائل فإن في أمره إياهم بإهراقه بعد ذلك دليلا على نسخ ما تقدم من الإباحة قيل لهم وكيف يكون ذلك كذلك وقد روى عن ابن عباس من كلامه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت الخمر لعينها والسكر من كل شراب وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من هذا الكتاب وهو الذي روى عنه ما ذكرت فدل ذلك أن التحريم في الأشربة كان على الخمر بعينها قليلها وكثيرها والسكر من غيرها وكيف يجوز علي بن عباس مع علمه وفضله أن يكون قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب تحريم النبيذ الشديد ثم يقول حرمت الخمر لعينها والسكر من كل شراب فيعلم الناس أن قليل الشراب من غير الخمر وإن كان كثيره يسكر حلال هذا غير جائز عليه عندنا ولكن معنى ما أراد بإهراق النبيذ في حديث قيس أنه لم يأمنهم عليه أن يسرعوا في شربه فيسكروا والسكر محرم عليهم فأمرهم بإهراقه لذلك وقد روى في مثل هذا أيضا ما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم المؤذن قال ثنا عوف أبي جميلة قال حدثني أبو القموص زيد بن علي عن أحد الوفد الذين وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس أو يكون قيس بن النعمان فإني قد نسيت اسمه أنهم سألوه عن الأشربة فقال لا تشربوا في الدباء ولا في النقير واشربوا في السقاء الحلال الموكأ عليها فإن اشتد منه فاكسروه بالماء فإن أعياكم فأهريقوه
(٢٢١)