وقد دل على ذلك أيضا ما حدثنا يونس قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أنس أن نفرا من عكل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها وأبوالها ففعلوا وصحوا ثم ذكر الحديث حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا سماك بن حرب عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر مرضى من حي من أحياء العرب فأسلموا وبايعوه وقد وقع الموم وهو البرسام فقالوا يا رسول الله هذا الوجع قد وقع لو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل فكنا فيها قال نعم اخرجوا فكونوا فيها ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالخروج إلى الإبل وقد وقع الوباء بالمدينة فكان ذلك عندنا والله أعلم على أن يكون خروجهم للعلاج لا للفرار فثبت بذلك أن الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون مكروه للفرار منه ومباح لغير الفرار وعلى هذا المعنى والله أعلم رجع عمر بالناس من سرغ لا على أنه فار مما قد نزل بهم والدليل على ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن عياش الحمصي قال ثنا شعيب بن أبي حمزة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه اللهم إن الناس يخلون ثلاث خصال وأنا أبرأ إليك منهن زعموا أني فررت من الطاعون وأنا أبرأ إليك من ذلك وأني أحللت لهم الطلاء وهو الخمر وأنا أبرا إليك من ذلك وأني أحللت لهم المكس وهو النجس وأنا أبرأ إليك من ذلك فهذا عمر يخبر أنه يبرأ إلى الله أن يكون فر من الطاعون فدل ذلك أن رجوعه كان لأمر آخر غير الفرار وكذلك ما أراد بكتابه إلى أبي عبيدة أن يخرج هو ومن معه من جند المسلمين إنما هو لنزاهة الجابية وعمق الأردن فقد بين أبو موسى الأشعري في حديث شعبة المكروه في الطاعون ما هو وهو أن يخرج منه خارج فيسلم فيقول سلمت لأني خرجت ويهبط عليه هابط فيصيبه فيقول أصابني لأني هبطت وقد أباح أبو موسى مع ذلك للناس أن يتنزهوا عنه إن أحبوا فدل ما ذكرناه على التفسير الذي وصفنا فهذا معنى هذه الآثار وعندنا والله أعلم وأما الطيرة فقد رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت الآثار بذلك مجيئا متواترا
(٣١١)