حدثنا ابن مرزوق قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا علي بن زيد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي مسلم الخولاني عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن مع صاحب البلاء تواضعا لربك وإيمانا فقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم العدوي في هذه الآثار التي ذكرناها وقد قال فمن أعدى الأول أي لو كان إنما أصاب الثاني لما أعداه الأول إذا لما أصاب الأول شئ لأنه لم يكن معه ما يعديه ولكنه لما كان ما أصاب الأول إنما كان بقدر الله عز وجل كان ما أصاب الثاني كذلك فإن قال قائل فنجعل هذا مضادا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورد ممرض على مصح كما جعله أبو هريرة قلت لا ولكن يجعل قوله لا عدوى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم نفى العدوي أن يكون أبدا ويجعل قوله لا يورد ممرض على مصح على الخوف منه أن يورد عليه فيصيبه بقدر الله ما أصاب الأول فيقول الناس أعداه الأول فكره إيراد المصح على الممرض خوف هذا القول وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار أيضا وضعه يد المجذوم في القصعة فدل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا على نفي الأعداء لأنه لو كان الأعداء مما يجوز أن يكون إذا لما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يخاف ذلك منه لان في ذلك جر التلف إليه وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال ولا تقتلوا أنفسكم ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدف مائل فأسرع فإذا كان يسرع من الهدف المائل مخافة الموت فكيف يجوز عليه أن يفعل ما يخاف منه الأعداء وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الباب أيضا معنى ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون في نهيه عن الهبوط عليه وفي نهيه عن الخروج منه وأن نهيه عن الهبوط عليه خوفا أن يكون قد سبق في علم الله عز وجل أنهم إذا هبطوا عليه أصابهم فيهبطون فيصيبهم فيقولون أصابنا لأنا هبطنا عليه ولولا أنا هبطنا عليه لما أصابنا وأن نهيه عن الخروج منه لئلا يخرج فيسلم فيقول سلمت لأني خرجت لولا أني خرجت لم أسلم فلما كان النهي عن الخروج عن الطاعون وعن الهبوط عليه بمعنى واحد وهو الطيرة لا الأعداء كان كذلك قوله لا يورد ممرض على مصح هو الطيرة أيضا لا الأعداء فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه كلها عن الأسباب التي من أجلها يتطيرون وفي حديث أسامة الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا وقع بأرض وهو بها فلا يخرجه الفرار منه دليل على أنه لا بأس أن يخرج أن يخرج منها لا عن الفرار منه
(٣١٠)