حدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن الهاد عن يحيى بن سعيد عن زرارة عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من المجلس إلا قال سبحانك اللهم ربي وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقلت له يا رسول الله ما أكثر ما تقول هؤلاء الكلمات إذا قمت فقال إنه لا يقولهن أحد حين يقم من مجلسه إلا غفر له ما كان في ذلك المجلس فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روى عنه أيضا ما ذكرنا وهو أولى القولين عندنا لان الله عز وجل قد أمر بذلك في كتابه فقال فتوبوا إلى بارئكم وقال توبوا إلى الله توبة نصوحا وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في الآثار التي ذكرنا فلهذا أبحنا ذلك وخالفنا أبا جعفر فيما ذهب إليه على ما ذكرنا في أول هذا الباب فإن قال قائل فإن الله عز وجل إنما أمرهم في كتابه أن يتوبوا والتوبة هي ترك الذنوب وترك العود إليها وليس ذلك بقولهم قد تبنا إنما ذلك الخروج عن الذنوب وترك العود إليها قال وكذلك روى في قول الله عز وجل توبوا إلى الله توبة نصوحا فذكر ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا موسى بن زياد المخزومي قال ثنا إسرائيل قال ثنا سماك عن النعمان بن بشير قال سمعت عمر يقول التوبة النصوح أن يجتنب الرجل أي شئ كان يعمله فيتوب إلى الله عز وجل منه ثم لا يعود إليه أبدا حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سماك عن النعمان عن عمر مثله فهذه صفة التوبة التي أمرهم الله عز وجل بها في كتابه فأما قولهم نتوب إلى الله ليس من هذا في شئ قيل لهم إن ذلك وإن كان كما ذكرتم فإنا لم نبح لهم أن يقولوا نتوب إلى الله عز وجل على أنهم معتقدون للرجوع إلى ما تابوا منه ولكنا أبحنا لهم ذلك على أنهم يريدون به ترك ما وقعوا فيه من الذنب ولا يريدون العودة في شئ منه فإذا قالوا ذلك واعتقدوا هذا بقلوبهم كانوا في ذلك مأجورين مثابين فمن عاد منهم بعد ذلك في شئ من تلك الذنوب كان ذلك ذنبا أصابه ولم يحبط ذلك أجره المكتوب له بقوله الذي تقدم منه واعتقاده معه ما أعتقد فأما من قال أتوب إلى الله عز وجل وهو معتقد أنه يعود إلى ما تاب منه فهو بذلك القول فاسق معاقب عليه لأنه كذلك على الله فيما قال
(٢٩٠)